ذراع الشر في أفريقيا.. تركيا تعبث بأمن مالي وتهدد الجهود الفرنسية بالساحل
تجتهد الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان للسيطرة على الساحل الأفريقي، واستغلال مقدراته الاقتصادية ضمن استراتيجية كبرى للسيطرة على شمال القارة السمراء، بما لها من بعد إقليمي مهم للشرق الأوسط وأوروبا، وبالتوازي مع ذلك وجدت أنقرة في الانقلاب العسكري بمالي فرصة لتحقيق أهدافها التوسعية.
أجندة أنقرة
إذ تهدف تركيا إلى تصعيد حكومات تتبع لتيار الإسلام السياسي بالمنطقة، لتضمن ولاءه لأجندة أنقرة، تحت وطأة أيديولوجية متراجعة، وهو ما تسعى لضمان تحقيقه في ليبيا وتونس والجزائر، ومؤخرًا مالي التي تمر حاليًّا بمرحلة انتقالية صعبة، بعد إجبار الرئيس أبو بكر كيتا على تقديم استقالته، وعزله من منصبه في 18 أغسطس 2020.
وكشف موقع نورديك مونيتور في 18 سبتمبر 2020 أن أنقرة بصدد تشكيل حكومة موالية لها في مالي، لتعبئة الفراغ السياسي الذي خلفه كيتا قبل أن تستتب الأمور لأي قوى خارجية أخرى، وظهر هذا الحرص في زيارة وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو لمالي كأول مسؤول خارجي يزور البلاد خلال المرحلة الحالية؛ ما يعني أن الحكومة قد تكون فاعلة، ولديها علاقات جيدة مع من يدير الأمر الداخلي بالبلاد حاليًّا.
وللاطلاع على الترتيبات الدولية إزاء الأوضاع بالبلاد، حرص تشاويش أوغلو على لقاء مبعوث الأمم المتحدة بالبلاد محمد صالح النديف، ما فسره البعض برغبة تركية في تطويع الأمور لصالحها عبر مساعي على مستوى القيادات الداخلية والدولية أيضًا.
دعم الإرهاب وتهديد الأمن القومي
تمثل محاولات تركيا للسيطرة على مقاليد الأمور في مالي تهديدًا للأمن القومي الإقليمي، لأسباب تتعلق بالإرهاب ورعايته، فمالي تنتشر بها الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة، والمسؤولة عن العديد من الهجمات بالبلاد، وبجانبها توجد جماعات إسلاموية أخرى تسعى لفرض السيطرة.
وبالنظر إلى الاتهامات الموجهة لأنقرة بخصوص رعاية الإرهاب الدولي، فمن المرجح أن تسعى تركيا للتعاون مع المتطرفين لتشكيل ميليشيات تشبه الأوضاع في ليبيا، ويتضح ذلك في عمل ذراعها العسكرية شركة سادات في نقل الإرهابيين والأسلحة لغرب أفريقيا، ما يعني أن وجود تركيا في منطقة تعج بالإرهابيين أن هناك مالًا كثيرًا سيدفع لتطويع تلك المجموعات مستقبل لصالح أنقرة، بما يؤثر على أمن المنطقة العربية والأوروبية أيضًا.
الصراع التركي الفرنسي بمالي
يزيد النفوذ التركي في مالي من الصراعات الدولية بالمنطقة، إذ يهدد وجودها الوجود العسكري الفرنسي لمواجهة الإرهاب بالمنطقة، وبالأخص أن أنقرة ستدعم المجموعات الإسلاموية المتطرفة؛ ما يعني خلق صراع بين المسلحين في شكلهم الدولي النظامي ومجموعات المرتزقة المدعومة تركيا، ففرنسا لديها ما يزيد على 5000 جندي يقاتل مجموعات التطرف بالبلاد.
وبدوره عزز ذلك الصراع الفرنسي التركي ونقله لمنطقة أخرى جديدة، تنضم لمناطق الصراع في هذا الإطار كصراع شرق المتوسط والملف الليبي، فأنقرة تسعى لمنافسة الدور الفرنسي في مالي، وفي غرب أفريقيا بشكل عام، وبالتالي اعترضت باريس بشدة على الانقلاب العسكري على أبي بكر كيتا، في حين سعت أنقرة لتشكيل زيارات ربما لدعم المسؤولين الجدد، وترتيب الأوضاع.
وفي تصريح إعلامي يقول الباحث السياسي مصطفى طوسة: إن الانقلاب العسكري لم يكن مفاجئًا لباريس؛ نظرًا لتردي الأوضاع السياسية بالبلاد، ولكن ما حدث يعد إرباكًا لجهود فرنسا من حيث مواجهة الإرهاب في الساحل، مشيرًا إلى تصاعد المخاوف تجاه انزلاق البلاد لمرحلة يصعب السيطرة عليها، ويعرض قوات فرنسا لخطر مضاعف.
المزيد.. ردع أنقرة.. الأمم المتحدة تمهل «أردوغان» 90 يوما لسحب مرتزقته من ليبيا





