ad a b
ad ad ad

«أردوغان» يوظف «القرم» في لعبة المصالح الكبرى

الأربعاء 26/أغسطس/2020 - 03:05 م
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

تحتكم السياسة إلى لغة المصالح البحتة إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ينتهج الاستمالات الدينية والعرقية كمدخل لتبرير مواقفه، وشحذ همم أصحاب الرؤى المتضاربة، وتأتي شبه جزيرة القرم كمثال على هذه الاستراتيجية.

«أردوغان» يوظف «القرم»

ترفض تركيا كغيرها من بعض الدول الاعتراف بضم روسيا شبه جزيرة القرم إلى سيادتها في 2014، لكنها لا تترك مناسبة سياسية أو غير إلا وتلوح بهذه القضية، وتؤكد رفضها للاعتراف بالسيادة الروسية على أراضي الجزيرة، والمهم في ذلك أن تكرار هذه المناوشات تصاعد في الظهور ارتباطًا مع تشابك المصالح بين موسكو وأنقرة حول ملفات الشرق الأوسط.


توازن النفوذ

تتحكم موسكو في مصادر الطاقة التركية، فالأخيرة تعاني شحًا كبيرًا في الغاز والنفط على عكس احتياجها له، إذ تنتج تركيا حوالي 1% فقط من احتياجها الفعلي للغاز الذي تصنف في استخدامه ضمن العشرين الأوائل في العالم، وإزاء ذلك تستورد 99% من احتياجها من الخام، والذي يأتي أغلبه من روسيا، كما أن تركيا بفعل الجغرافيا يمر من خلالها الغاز الآسيوي والروسي إلى أوروبا.


وبالتالي فإن موقف أنقرة من الاعتراف بالضم الروسي للقرم كان في مجمله ورقة ضغط لإحداث توازن في القوى بين الكتلتين، ففي نوفمبر 2018 استغل «أردوغان» قمة مجموعة العشرين التي عقدت آنذاك في الأرجنتين لعقد اجتماع ثنائي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتباحث حول أزمة القرم، ما اعتبره البعض ضغطًا من الإدارة التركية على روسيا، في إطار ملفات توازن القوى فيما بينهما، باعتبار موسكو متحكمة في أهم الملفات الشائكة بالنسبة لأردوغان الذي يسعى دومًا لتوظيف مواطني القرم من الأتراك في تفاهماته وصراعاته مع روسيا.


كما أنه أراد من ذلك التقرب إلى الجانب الأوروبي الذي قرر فرض عقوبات اقتصادية على روسيا لضمها إلى القرم، في محاولة منه لمغازلة الاتحاد الأوروبي، الذي لم تنفض أحلام «أردوغان» بعد من الالتحاق بصفوفه.

«أردوغان» يوظف «القرم»

تصاعد خطاب المصالح

شهدت العلاقات «الروسية ــ التركية» عودة جديدة للحديث عن القرم، ففي يوليو 2020 صعد وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو خطابه ضد موسكو، مؤكدًا أن بلاده لا تزال ترفض ضم القرم، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقده أوغلو مع نظيره الأوكراني ديميترو كوليبا في أنطاليا بجنوب تركيا، مشددًا على رغبة أنقرة في تعزيز التعاون العسكري والتجاري مع كييف.


وبالطبع فإن سياق المزامنة بين عودة هذا الخطاب وما تواجهه المنطقة من تحديات يرتكن إلى رغبة «أردوغان» في تخفيف وطأة الأثر الروسي على حرية القرار التركي في الدول العربية التي يريد السلطان العثماني الجديد إخضاعها لأجندته السياسية والأيديولوجية عبر تحالف من جهة أخرى مع أوروبا وواشنطن اللاتي يزعجهم تدخل موسكو في أوكرانيا الممثلة لبعد إقليمي وأمني مهمًا لبروكسل.


يؤدي تعقد الملفات الدولية بهذا الشكل إلى طرح موازنات من جانب آخر، فمن جهتها أفادت شبكة «روسيا اليوم» عبر تقرير نشرته في 6 يوليو 2020 إلى أن موسكو قد يكون لديها فرصة مهمة للتوافق بشكل أكبر مع أنقرة حيال الملفات العربية العالقة وأبرزها سوريا وليبيا، لتكوين تحالف مصالح، مرجعه تلك المناوشات التركية حيال القرم، والتي تستهدف بالأساس مساومة الجانب الروسي لاستمالة مواقفه في صف أنقرة بدلًا من معارضتها.


وإزاء ذلك، هل تؤدي شبكة المصالح المعقدة في الشرق الأوسط إلى دفع «أردوغان» الذي يتعامل دوليًّا كأنه حامي مصالح المسلمين في العالم إلى التخلي عن القرم مثلما فعلها مع الإيجور لصالح تفاهمات اقتصادية وسياسية مع الجهات الفاعلة، أو أن تكون تلك القضية محركًا لدعم دولي أوسع لأردوغان تجاه مصالحه في ليبيا، وفي عدم فقد مكانته كناقل دولي هام للغاز.


المزيد.. التوترات السياسية.. وسيلة «الإخوان» للنخر في عظام الدولة الأوكرانية

"