تلاسن إعلامي دون مواجهة عسكرية.. صراع إيران وتركيا على الملعب السوري
مواجهات إعلامية فقط، برزت على الساحة السورية بين طهران وأنقرة، بسبب التدخل التركي في الشمال السوري، وإبداء أردوغان آراءه المستفزة دومًا، حيث بدأ التصعيد الإعلامي من قبل طهران عام 2012، ووصفت إيران، أردوغان بالمتآمر على الدولة، فيما هاجم الأخير طهران متهمًا إياها بالعبث في سوريا للدفاع عن الطائفية فقط، حيث بات الجانبان يغذيان الإرهاب هناك عن طريق دعم الميليشيات الموالية لإيران من جانب، والفصائل الموجودة في إدلب من جانب آخر.
للمزيد: «أردوغان» المخرب..
الأب الروحي لفصائل الإرهاب في إدلب
تفادي المواجهات المباشرة
باتت سوريا ساحة الصراع الأبرز بين أنقرة وطهران، وهذا التنافس التركي الإيراني في سوريا كقطبين إقليميين رئيسيين، لم يمنع أن يحل رئيس الأركان الإيراني الجنرال «محمد باقري» ضيفًا على أنقرة في أغسطس 2017، في أول زيارة من نوعها لمسؤول عسكري إيراني بهذا المستوى لتركيا منذ الثورة الإسلامية، وهي زيارة للمفارقة جاءت بعد أشهر قليلة من قرار تركيا المتأخر بالتوغل عسكريًّا في سوريا ضمن عملية درع الفرات، ما مثل إشارة واضحة من كل من طهران وأنقرة أن لديهما القدرة على تغليب التعاون في الوقت الذي يظن الجميع أنهما في طريقهما للاشتباك.
ولا شك أن الوجود العسكري لكل من تركيا وإيران في سوريا ربما يضع البلدين على مسار تصادمي قابل للانفجار في أي لحظة، لكنّ الطرفين يتفقان ضمنيًّا أن عليهما الحفاظ على أقصى درجة ممكنة من التغاضي وضبط النفس، في وقت لم يعد فيه خيار العودة إلى الوراء مطروحًا على طاولة أي منهما، مع توجيه القدر الأكبر من التركيز على المصالح المشتركة وفوائد الشراكة في ظل بيئة إقليمية متقلبة، رغم أن كلا الطرفين يدرك أن كل لحظة تحمل في جعبتها فرصة جديدة للاشتباك، وأن كل ما يتطلبه الأمر هو خطأ واحد قد يدفع البلدين إلى مواجهة قد لا يكون بالإمكان تفاديها مهما تعاظمت المصالح وحسنت النيّات.
وتبلورت سياسة أنقرة في شكلها الأكثر وضوحًا خلال غزوها الأراضي السورية من خلال عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون في عامي 2017 2018، حيث توغلت القوات التركية داخل الأراضي السورية تحت مسمى مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، وكان الهدف في بادئ الأمر والخفي هو منع الوحدات الكردية من تأسيس وجود فعال لها على الأراضي التركية، وهي خطوة طالما أحجمت عنها أنقرة خوفًا من أن تضع نفسها على مسار تصادمي مع حلفاء سوريا، وفي مقدمتهم إيران.
تصعيد إعلامي فقط
مع بداية تصعيد النظام التركي ضد سوريا عام 2012، شنت وسائل الإعلام المقربة من النظام الإيراني هجومًا حادًا ضد تركيا وأردوغان، واتهمتهما بـ«التآمر ضد الحكومة السورية»، وفي عام 2015 بلغ أردوغان ذروة تصعيده الخطابي ضد طهران باتهامها هو الآخر بالوقوف خلف الرئيس السوري بشار الأسد لأسباب طائفية، إلا أن ذلك التصعيد في المواقف لم يمنع تركيا أن تكون أحد المرحبين بالاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع القوى الكبرى، وما تبعه من رفع للعقوبات الاقتصادية الغربية على طهران.
دعوات للتفاهم
وجهت إيران دعوات إلى تركيا، للتفاهم والتفاوض مع الجانب السوري، الثلاثاء 7 يوليو 2020، حيث قال رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري خلال توقيع اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران، إن على تركيا أن تدرك أن حل أي من مشاكلها الأمنية هو عبر التفاوض والتفاهم مع الجانب السوري ولا يكون عبر الوجود في الأراضي السورية.
وتكرر إيران مرارًا دعواتها إلى تركيا للتعاون مع النظام السوري أمنيًّا، وخاصة فيما يتعلق بملف إدلب بالشمال السوري، التي توجد فيها الآلاف من القوات العسكرية التركية.
وتنص الاتفاقية التي وقعها رئيس الأركان الإيراني مع وزير الدفاع السوري العماد علي أيوب، على تعزيز التعاون العسكري والأمني في مجالات عمل القوات المسلحة ومواصلة التنسيق، بالإضافة إلى تناول المحادثات الأوضاع في سوريا وضرورة انسحاب القوات الأجنبية التي دخلت بطريقة غير شرعية.
وقال باقري في مؤتمر صحفي عقد في مقر القيادة العامة للجيش والقوات المسلّحة السورية، إن "الاتفاقية الموقعة تعزز إرادتنا وتصميمنا على التعاون المشترك في مواجهة الضغوط الأمريكية، مؤكّداً أن بلاده ستقوم بتقوية أنظمة الدفاع الجوية السورية في إطار توطيد العلاقات العسكرية بين البلدين.
وعن الوجود العسكري لتركيا في سوريا، اعتبر «باقري» أن تركيا متأخرة قليلًا في تنفيذ التزامها بتفاهمات استانة لإخراج الجماعات الإرهابية من سوريا.
للمزيد: إرهابيون ضد تحرير الشام.. داعش والقاعدة يحاربان الهيئة بحثًا عن هيمنة جديدة





