اللاجئون.. أداة «أردوغان» لابتزاز أوروبا وعرقلة عقابه
اعتاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ابتزاز الغرب بورقة
اللاجئين السوريين، ومع تعدد مشكلاته الخارجية وتصاعد الضغط الدولي ضد اعتداءاته
العسكرية الأخيرة على سوريا وليبيا بما يهدد أمن المنطقة إلى جانب الانتهاكات
البحرية التي يمارسها ضد فرقاطات الدول الأوروبية، لا سيما فرنسا، والتنقيب غير
المشروع عن الغاز في البحر المتوسط، فمن
المرجح أن يعود الابتزاز التركي بورقة
اللاجئين إلى التصاعد مجددًا.
ورقة اللاجئين؛ هي كارت التفاوض السياسي والمالي الذي يستغله الرئيس التركي للضغط على دول الاتحاد الأوروبي، من أجل مزيد من المساعدات الاقتصادية، إلى جانب احتواء الغضب السياسي من الممارسات الاستفزازية في التعامل مع الملفات الخارجية التي تضر بمصالح دول الاتحاد، مثل فرنسا والجارة اليونانية، لما بينهما من خلافات بسبب التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، فضلًا عن إيطاليا التي تمنع تركيا حفارها «ايني» من العمل في قبرص، والانتهاكات العسكرية في سوريا.
اللاجئون.. تهديد جديد يعاود الظهور
لوحت أنقرة في 30 يونيو2020 مجددا بورقة اللاجئين ضد الاتحاد الأوروبي، إذ قال وزير خارجيتها «مولود تشاويش أوغلو» إن الاتحاد الأوروبي لم يف بوعوده تجاه ملف اللاجئين والمهاجرين متهمًا إياه بالتقصير، وذلك بالتزامن مع مؤتمر بروكسل الرابع للتباحث حول مستقبل سوريا والشرق الأوسط.
كما وجهت تركيا الاتهامات إلى اليونان بأنها ترفض استقبال اللاجئين وتعاود إرسالهم عبر البحر، ومن جهتها ردت أثينا على هذه الأقاويل عن طريق وزير خارجيتها نيكوس دندياس، الذي قال إن أنقرة تزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية للمهاجرين عبر استغلالهم سياسيًّا، ما يعرضهم لمصاعب وأزمات، مؤكدًا احترام بلاده لكل الجهود الدولية الرامية إلى إعادة إعمار سوريا، وحل أزمتها وتجنيب مواطنيها النزوح.
عوامل تجدد التهديد بورقة اللاجئين وتوقيته
ولكن ما العوامل الأخرى التي أدت بأنقرة إلى إعادة الطرح؟
في تقرير لموقع راديو «مونت كارلو» نشر السبت 3 يوليو 2020، أشار إلى أن مصادره الخاصة أطلعته بتخوف الدول الاوروبية من استخدام الرئيس التركي لورقة اللاجئين لابتزازهم حين مناقشة الاعتداءات التركية الأخيرة على ليبيا في الاجتماع المقرر عقده في 9 يوليو 2020، ما يلقي بظلاله على القرارات التي تسعى الدول وعلى رأسها فرنسا لاستصدارها بإدانة أنقرة لتدخلها عسكريًّا في ليبيا واستفزازها للدول في البحر المتوسط، إلى جانب مناقشة إمكانية فرض عقوبات اقتصادية عليها، ما يفسر بدوره التصريح الأخير للوزير التركي بشأن تجدد أزمة اللاجئين.
الابتزاز السياسي والمالي
دأب «أردوغان» على الخروج بورقة اللاجئين كلما ضغط عليه عالميًّا لكبح جماح تصرفاته العدوانية ضد دول الشرق الأوسط، ففي نهاية فبراير 2020، احتدم الصراع بين تركيا والاتحاد الأوروبي بعد قرار الأولى فتح حدودها مع القارة العجوز للاجئين السوريين على خلفية مقتل عشرات من جنود تركيا في المعارك بسوريا.
وبالفعل تحرك المئات نحو اليونان، ما تسبب في عمليات كر وفر بين الأمن واللاجئين، واستمرت لأسابيع تحت وطأة الابتزاز السياسي التركي الذي مارسه رجب طيب أردوغان بقراره، عدم غلق الحدود سواء البرية أو البحرية أمام اللاجئين، الذين يصل عددهم إلى 3.6 مليون .
وما يجعل ذلك ابتزازًا واضحًا هو وجود اتفاقية اللاجئين المبرمة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي في 2016، والتي تنص على إعادة اللاجئين الذين لا يمتلكون أوراقًا رسمية من دول الاتحاد إلى تركيا مقابل مبلغ مالي لايقل عن خمسة مليارات يورو، بحسب شبكة "بي بي سي"، إلى جانب منع تدفق المهاجرين غير الشرعيين والسماح لمواطني تركيا بدخول بعض الدول دون تأشيرات، إلى جانب بداية التفاوض لالتحاق أنقرة بالاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من ذلك فإن السنوات الأخيرة الماضية شهدت تصاعد الاتهامات من الجانب الأوروبي بشأن استغلال أنقرة للملف للابتزاز السياسي والمادي.
من جهته رأى الباحث في الشؤون التركية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، كرم سعيد في تصريح سابق لـ«المرجع» أن الاتحاد الأوروبي لن يسمح بموجات هجرة جديدة من قبل «أردوغان»، مشيرًا إلى أن الحكومة التركية تتعامل مع الملف كأداة للتربح السياسي والاقتصادي ولا يمكن لأوروبا أن تظل عاجزة أمام هذا الابتزاز.
المزيد.. استثمار بالإكراه.. تميم يسرق أموال القطريين ويسدد لأردوغان فاتورة الحماية





