ad a b
ad ad ad

الطالب التركي.. مجند لأحلام أردوغان وخادم لسياسته الاستعمارية

السبت 20/يونيو/2020 - 04:32 م
المرجع
سارة رشاد
طباعة

لا يمكن اختصار السبل التركية في تنفيذ الحلم التوسعي للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على ما يمكن تسميته بـ«القوة الخشنة» الممثلة في التدخل العسكري في ليبيا وسوريا والعراق ومناطق أخرى، فثمة حضور موازٍ تعمل فيه تركيا منذ قرابة الثلاثين عامًا، ويعرف بـ«القوة الناعمة».

وإن كانت هذه القوة تتنوع بين الدبلوماسية الشعبية وتصدير الدراما والثقافة التركية؛ ما يخلق حالة إعجاب بالأتراك، فيأتي ملف التعليم في تركيا ليكمل هذا الإعجاب.

وتستهدف تركيا من إعمال قوتها الناعمة خلق قاعدة مؤيدين لها في دول إقليمها، لتمرير سياستها الخشنة التوسعية، وهو ما يُلمس اليوم فيما يعرف بـ«ظاهرة العرب الأتراك»، أو العرب الموالين لتركيا حتى ولو على مصالح دولهم.

الطالب التركي.. مجند

أهداف سياسية

تزامن سقوط الاتحاد السوفيتي مع بروز نجم الإسلاميين في الانتخابات التشريعية بتركيا ممثلين في حزب الرفاة، وعلى عكس الساسة التقليديين حمل الإسلاميون سياسات توسعية مغايرة لتلك التي كانت تعيش بها تركيا تحت الحكم العلماني الذي اكتفى بوقوف نفوذ أنقرة عند الحدود الجغرافية التركية.

وباعتبارهم حلموا بدولة تركية ذات نفوذ إقليمي يذكرهم بإرث الخلافة العثمانية، فاستغلت تركيا تحت إدارة الإسلاميين لحظة سقوط الاتحاد السوفيتي واستقلال الدول الناطقة باللغة التركية عنه، لمد حبل التواصل معهم، ليكونوا النواة لأول نفوذ تركي في الخارج.

واعتمدت تركيا في كسب هذه الدول إلى صفها على تقديم تسهيلات مغرية من رواتب ثابتة، ونظام رعاية صحية شامل لطلاب هذه الدول الذين سينتقلون لتركيا لإكمال تعليمهم.

ومن هذا الوقت عملت تركيا على تحويل نفسها لدولة مستقبلة للطلاب الأجانب، فبدأت في تأسيس كيانات ومنظمات ملحقة بالحكومة تكون مهمتها تسهيل قدوم الطلاب الأجانب.

ويمكن القول إن تركيا بدأت مؤخرًا وتحديدًا عقب ما يعرف بـ«الربيع العربي» في إدخال الطلاب العرب دائرة الاستهداف، إذ كانت لفترة طويلة تركز على طلاب الدول ذات اللغة التركية المستقلة عن السوفيت.

وفي دراسة صادرة عن منتدى العلاقات العربية والدولية، بعنوان «التعليم العالي والمنح الدراسية: قوة ناعمة في السياسة الخارجية التركية» للباحث عبد القادر محمد علي في 2017، قال: إن تركيا تمكنت في الفترة من 2002 وحتى 2011 في تعديل صورتها لدى المواطن العربي بفضل قوتها الناعمة، إذ أظهرت دراسة أجراها مركز زغبي الدولي في 2002 على مواطنين عرب، تركيا في المرتبة الثالثة بعد أمريكا وإسرائيل كأكثر الدول سلبية، فيما جاءت في المرتبة الأولى كنموذج إيجابي في دراسة أجريت في 2011.

ويرى الباحث أن تركيا تستهدف من عملها على البرنامج التعليمي استقطاب عقول دول الجوار، والتأثير عليها بحيث يكون الطالب منحازا للدولة التي تعلم بها، ومن ثم يكون مؤثرًا في سياسات بلاده لصالح تركيا عندما يعود إليها.

ولذا تعطي أنقرة أهمية لمجال السياسة والاقتصاد، إذ سيكون المتخرجون منه هم المتحكمون في سياسات وتحالفات بلادهم في المستقبل القريب.

ويرصد الباحث اهتمام تركيا بملف التعليم، فيشير إلى الميزانية التي تضعها تركيا للإنفاق على الطلاب الأجانب، إذ زادت عن 209 ملايين ليرى تركيا في 2014، فيما كانت في 2010 40 مليون ليرة فقط.

وتتنوع القنوات التركية لاستقطاب الطلاب، بين مؤسسة «منح تركيا» الحكومية، والبنك الإسلامي للتنمية، ووقف الديانة التركي، لاسيما دور منظمات المجتمع المدني، وبرامج التبادل الطلابي.

الطالب التركي.. مجند

وثيقة الطلاب

وفي ورقة بعنوان «وثيقة استراتيجية الطلاب الأجانب»، وضعتها إدارة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى (YTB) الحكومية، في 2012، أوصت ببعض الإصلاحات بملف التعليم بتركيا لتوسيع دائرة الطلاب المستقطبين، مطالبة بتوسيع المميزات التي سيحصل عليها الطلاب حال موافقته على الانتقال لتركيا من توفير بيئة اجتماعية وقانونية مواتية تجعل تركيا ذات أفضلية على الدول الأوروبية المعروفة باستقبالها للطلاب.

بدوره يدعو مدير مركز الأبحاث الاستراتيجية «بوسام»، سعيد بلماز، في دراسة بعنوان «ما هي القوة الناعمة، وكيف تطبق» إلى وضع خطة تضمن إبقاء التواصل مع الخريجين حتى بعد انتقالهم إلى بلادهم.

ويطالب بضرورة وضع استراتيجية تضمن إمكانية توظيف هؤلاء الخريجين لصالح السياسة الخارجية التركية، بحيث يحصل الطلاب الحاصلون على تعليم تركي على دعم داخل دولهم؛ حتى يتمكنوا من الوصول إلى مناصب قيادية ببلدانهم.

ويرى بلماز أن ذلك سيضمن ولاء هذه الدول لتركيا أو على الأقل الارتباط بسياسات جيدة معها؛ تضمن تمرير المصالح التركية.

للمزيد.. الإخوان في تركيا.. رحلة الخيانة تنتهي بالإفلاس وشبح كورونا

"