العودة للقتال.. عشائر «كركوك» في مواجهة فلول «داعش»
بعد ظهور تنظيم «داعش» بالعراق عام 2014، تصاعد الحديث عن ضرورة تسليح العشائر في مواجهة هذا المد الإرهابي، بالاشتراك مع القوات الأمنية النظامية.
وتمثلت أهمية دور العشائر العراقية في مكافحة «داعش»، كونها انتزعت الصبغة السنية عن التنظيم الذي حاول الظهور كممثل عن السنة، إضافةً إلى أن العشائر أكثر دراية بطبيعة المنطقة من حيث طرقها، وطبيعة تضاريسها، الأمر الذي قد يمكنهم من تضييق حركة تنقل عناصر التنظيم، وقد برز دور العشائر العراقية بعد الغزو الأمريكي عام 2003، وكذلك في محاربة تنظيم «القاعدة» في مرحلة لاحقة.
ويستغل التنظيم التوقيت الحالي الحرج، ما بين خلافات سياسية دائرة، وانتشار جائحة كورونا «كوفيد-19» والإغلاق التام، وحظر التجوال في البلاد، ومن جهة أخرى عمليات سحب قوات التحالف الدولي، وحالة الحراك والتظاهرات السابقة، لنفث سمومه في المجتمع، ومفاقمة عملياته الدامية.
وأوضحت العشائر
أن أبناءها أعلنوا استعدادهم لقتال التنظيم المسلح، ومنعه من إيجاد أرضية خصبة شمال
العراق؛ إذ تم التنسيق مع قوات الأمن لمنع أي تحرك للمسلحين في حدود منطقة الحويجة.
وفي وقت سابق، أكد عشرات من شيوخ القبائل أن «مدينة الحويجة لم تكن يومًا من الأيام مأوى للإرهابيين والهاربين والفارين،
وستتم معاملة كل من يأوي إرهابيين بالمعاملة نفسها التي تخصص للمجرمين
والإرهابيين».
وللمزيد.. صراعات وهشاشة أمنية وكورونا.. الأبواب السحرية لعودة داعش في العراق
دور العشائر في مواجهة التنظيم
كان للعشائر العراقية دور بارز في مواجهة تنظيم «داعش»، ففي نوفمبر 2014 تم تشكيل أول فوج نظامي منهم، بمحافظة صلاح الدين، مكون من 700 عنصر من عشائر الجبور والعبيد والبو صالح والبو بخيت والبو عجيل والقيسييين والبو باز والبو فراج، فضلًا عن عشائر أخرى صغيرة، بهدف مواجهة التنظيم الإرهابي.
وفي يناير 2015 اتفق مجلس عشائر محافظة الأنبار على تشكيل قوة موحدة بجانب الجيش والشرطة ضمن الحرب على التنظيم؛ إذ قدمت كل عشيرة من مجموع 29 بمحافظة الأنبار ما بين 500 إلى 1000 مقاتل لقوة العشائر الجديدة.
وفي فبراير 2015، شن مقاتلو عشائر العبيد والبومحل ضربة استباقية لعناصر التنظيم الإرهابي في منطقة حوران بالمنطقة الغربية، عندما كانوا يستعدون لمهاجمة الناحية، تمكنوا خلالها من استعادة 35 كيلومترًا من منطقة وادي حوران، وقتل 14 من عناصر «داعش»، واعتقال 11 آخرين منهم.
داعش وكراهية العشائر
مارس «داعش» سياسة التخويف لتقويض قدرة أي عشيرة على الرد، وذلك باستخدام الخلايا النائمة، وتصفية الأشخاص المناهضين له داخلها، بارتكاب مجازر جماعية ضد بعضها، فكانت أبرز المجازر التي ارتكبها التنظيم بحق العشائر العربية بحسب تقرير لـ«المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية» صدر في فبراير 2015، مذبحة في حق عشيرة البونمر أواخر أكتوبر 2014؛ إذ أعدم نحو 500 شخص، في رسالة لترهيبهم والنظر مرة أخرى قبل الانضمام إلى التحالف في مواجهة التنظيم.
وفي الأول من نوفمبر 2014، قتل التنظيم الدموي 85 فردًا من عشيرة البونمر العراقية أيضًا، كما شن هجومًا على المناطق التي تسيطر عليها العشيرة شمال بغداد، وتمكنت عناصر التنظيم من قتل المئات من أبنائها والسيطرة على 15 قرية وأسر العشرات من أفراد العشيرة؛ ما دفع العشائر السنية إلى تشكيل تحالف للثأر من التنظيم.
وفي 22 من نوفمبر 2014، قتلت عناصر التنظيم 25 من أفراد عشيرة البوفهد السنية خلال هجومهم على مدينة الرمادي غربي بغداد، إضافةً قتل التنظيم 15 شخصًا من أبناء العشائر بالفلوجة بعد رفضهم مبايعته في مطلع عام 2015.
ورغم رفض السلطات العراقية سابقًا تسليح أي تشكيل عشائري في المحافظات خارج يد الدولة، إلا أنها عادت في مايو 2019 وقررت تسليح أبناء العشرات من القرى النائية التي تقع قرب الحدود مع سوريا غربي الموصل شمالي البلاد، وأخرى جنوبها ضمن محور حمام العليل الشرقاط، لمواجهة أي هجمات محتملة من قبل تنظيم «داعش».
مقاتلو الحويجة
يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن تجمع المقاتلين من العشائر العربية السنية وعناصر الحشد الشعبي، إضافةً لقوات الأمن العراقية في مواجهة تمدد تنظيم «داعش» في منطقة الحويجة شمال العراق، مرتبط بمواجهة التنظيم، فقد أعلنت عشائر الحويجة موقفًا مهمًّا لقتال داعش، ومنع تمدده في منطقة شمال العراق، وهناك تنسيق كامل مع قوات الأمن لمنع التحركات في مناطق التماس والمناطق الاستراتيجية على طول منطقة الحويجة وما يجاورها.
ويضيف «فهمي» في تصريح لـ«المرجع» أن عشائر الحويجة تستطيع أن تقدم دورًا جيدًا في مواجهة احتمالات تمدد تنظيم «داعش»، وستنجح بالفعل باعتبارات عدة منها وجود دعم أمني ولوجستي من قوات الأمن العراقية لهذه القبائل للتحرك؛ ما يساعدها على تأدية واجبها بشكل كامل، باعتبار منطقة شمال العراق منطقة استراتيجية، وسيشكل تمدد عناصر داعش بهذه المناطق خطورة بالغة.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن المواجهات لا تنتهي مع تنظيم «داعش»، وكان آخرها قتل 10 من قوات الحشد الشعبي في منطقة شمال العراق، فهناك كر وفر بين هذه الأطراف في المنطقة، ولكن في النهاية هناك تجارب ناجحة لتوظيف هذه العشائر ودورها وبطونها لمواجهة تمدد التنظيم في السابق، وقبائل الحويجة وعشائرها ستؤدي دورًا كبيرًا لما لها من خبرات مهمة في منطقة كركوك شمال العراق وما يجاورها.





