الجار المزعج.. همجية إيران تضعها في أزمات مع أفغانستان وباكستان

منذ اندلاع ما عرف باسم الثورة الإيرانية، 1979، ونظام الملالي يضع تركيزه الأكبر على نشر أفكار ومبادئ ثورته في محيطه، معتقدًا أن ذلك يحمي نظامه من الانهيار، وهو ما جعل طهران وعلى مدار سنوات جارًا غير مرحب به لدى الدول المحيطة بها.

ركزت إيران منذ قيامها على التدخل في محيطها الجغرافي، انطلاقًا من مفهوم عقائدي، وظهر الاهتمام الإيراني بذلك عن طريق تضمين هذا الأمر في دستور البلاد.
وجاءت هذه السياسة بطابع أيديولوجي، ممثلًا في نشر وتصدير مبادئ وأفكار ما عرف باسم الثورة الإيرانية إلى الدول المحيطة بإيران؛ تمهيدًا لتحقيق هدف أكبر وأعظم بالنسبة لنظام الملالي، ممثلًا في إقامة جمهورية إسلامية تتبع بصورة عقائدية وأيديولوجية وسياسية طهران وتسيطر على العواصم المختلفة.
ورأى آية الله الخميني، قائد حركة عام 1979 التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي، أن أفضل طريقة يمكن أن يحافظ بها على نظامه واستيلائه على الحكم هي تصدير الثورة للخارج، وعدم التركيز على إصلاح الشؤون الداخلية في البلاد.
وبدلًا من الانضمام لأي من المعسكرين الشرقي أو الغربي، رغبت طهران في أن تشكل قوة إقليمية مستقلة، وهو ما أكدته المواد «152، و153، و154» من الدستور الإيراني.
وهي ذات الفكرة التي ركز عليه «الخميني» في وصيته للشعب الإيراني قائلًا: «عليكم أن تجتنبوا كل أمر يشتم منه رائحة التبعية؛ لأنها تؤدي إلى تفسخ جذور الدولة، حتى وإن كان لها مظهر خارجي جيد أو تؤدي لمنافع شخصية».

تدخلات في الشرق والغرب
عانت الدول المحيطة بإيران أو المرتبطة بها من تدخلات فجة في سياستها الداخلية، سواء عبر أذرعها العسكرية والسياسية الإرهابية مثل حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق والحوثي في اليمن.
أو عبر استضافة إيران لميليشيات إرهابية تعمل على زعزعة الاستقرار والأمن في محيطها، كما هو الحال مع باكستان، التي تمتلك حدودًا طويلة مع إيران، حيث تستضيف الأخيرة معسكرات جماعات إرهابية تنفذ عمليات إرهابية في الأراضي الباكستانية.
وكان آخرها مقتل 6 من عناصر الجيش الباكستاني في انفجار بالقرب من الحدود الإيرانية.
ووفقًا لبيان رسمي صادر عن الجيش الباكستاني، السبت 9 مايو 2020، فإن مركبة تضم 6 من عناصره بينهم ضابط برتبة رائد، وجميعهم تابعون لحرس الحدود الباكستاني، قتلوا جراء انفجار قنبلة يتم التحكم بها عن بعد في محافظة بلوشستان، التي تقع جنوب غربي البلاد، وعلى بعد 14 كيلومترًا من الحدود الإيرانية.
ويستضيف نظام الملالي جماعة بلوش راجي أجوي سانجار (بي آر إيه إس) داخل أراضيه، مقدمًا لها دعمًا لوجيستيًّا وماليًّا كافيًا لإجراء عمليات إرهابية داخل الأراضي الباكستانية، خصوصًا إقليم بلوشستان الحدودي.
وكانت وزارة الخارجية الباكستانية اتهمت طهران، أبريل 2019، بدعم جماعة إرهابية وتدريب عناصرها بهدف زعزعة نظام الحكم في البلاد وتنفيذ عمليات إرهابية داخل الأراضي الباكستانية.

أفغانستان تعاني من الهمجية الإيرانية
ولم يختلف الوضع كثيرًا بالنسبة لأفغانستان، التي تمتلك حدودًا مع دولة إيران، حيث تتعامل طهران مع الحدود بصورة تتنافى مع جميع القوانين الدولية والمواثيق والأعراف العالمية.
حيث لجأ حرس الحدود الإيراني إلى تعذيب 50 رجلًا أفغانيًّا، 7 مايو 2020، بعد محاولتهم الهرب إلى الداخل الإيراني من إقليم هرات عبر نهر هريرود، "نهر حدودي يمر بإيران وأفغانستان وتركمانستان"، وبدلًا من إعادتهم إلى بلادهم وفقًا لما تقتضيه الأعراف الدولية أو إعادة محاكمتهم، تم تعذيبهم وإلقائهم في النهر، ونجحت القوات في انتشال جثث 18 مهاجرًا.
وردًا على الهمجية الإيرانية في التعامل مع المواطنين الأفغان، أعلن الرئيس أشرف غني، السبت 9 مايو 2020، أنه عين 10 محققين لكشف الحقائق حول التعذيب الذي تعرض له مواطنون أفغان على يد قوات حرس الحدود الإيراني.
ويتضح أن الدول الواقعة على الحدود مع إيران أصبحت في وضع مأساوي بسبب الهمجية التي تتعامل بها طهران معهم، وتركيز نظام الملالي على دعم ميليشيات إرهابية بهدف زعزعة الاستقرار بها.
للمزيد: تبادل سجناء.. تغير لافت في موقف إيران من قضية المختطفين