تونس.. دلالات استبعاد «سعيد» لـ«الغنوشي» من اجتماع رئاسي حول ليبيا
يبدو
أن هناك حالة من الاضطراب في علاقة الرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس البرلمان وحركة
النهضة ــ ذراع الإخوان في البلاد ـــ راشد الغنوشي، خصوصًا بعد استبعاد الأخير من اجتماع رئاسي حول
ليبيا، بمشاركة رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ، ووزراء
الدفاع والداخلية والعدل والخارجية، الخميس 30 أبريل 2020.
غياب
"الغنوشي" عن الاجتماع الذي أشرف عليه رئيس الجمهورية، أثار العديد
من التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الرجلين، وسط تكهنات بتصاعد الخلافات بينهما.
وأصدر المجتمعون بيانًا ختاميًّا، أكدوا فيه أن تونس أكثر الدول تضررًا من تفاقم الوضع في ليبيا، وعلى المجتمع الدولي أن يضع في الاعتبار الأضرار التي لحقت بها وما زالت تطالها.
كما تم تكوين مجموعة عمل على مستوى رئاسة الجمهورية، تجمع كل الأطراف
المتدخلة وتتولى استشراف المستقبل، وتنسيق العمل، والتحسب لأي طوارئ، دون حضور
رئيس السلطة التشريعية، أحد مكونات مجلس الأمن.
للمزيد.. لهذه الأسباب.. «النهضة» تلفظ أنفاسها الأخيرة في تونس
تركيا في المشهد
في الفترة الأخيرة، حاولت حركة النهضة بقيادة راشد الغنوشي، تمرير اتفاقيتين تجاريتين مع قطر وتركيا، وصفتهما بعض قوى المعارضة بـ"الاستعماريتين"، وحشدت الحركة لذلك في البرلمان، إلا أن أحزاب داخل المجلس رفضت ذلك، وعلى رأسها "الدستوري الحر"، وحركة "تحيا تونس".
موقف الأحزاب المعارضة، أجبرت البرلمان على تأجيل النظر في الاتفاقيتين، وتسببت في موقف محرج لـ"النهضة" مع حليفيها الدوحة وأنقرة، خصوصًا أن "الغنوشي" تلقى اتصالًا هاتفيًّا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل ذلك بأيام، وقد يكون استبعاد قيس سعيد لرئيس البرلمان، من اللقاء الرئاسي حول ليبيا، بسبب تلك المواقف، التي تعد تدخلًا منه في الشؤون الخارجية للبلاد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن حركة النهضة حليفة لتركيا، والأخيرة تدعم حكومة الوفاق في طرابلس بقيادة فايز السراج، وهذا ليس من مصلحة الدولة التونسية الوقوف مع طرف دون آخر، ولا يريد الرئيس التونسي أن يحسب على أحد الأطراف، وإنما الوقوف على الحياد والبحث عن سبل تسوية الصراع الدائر.
وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة "العرب" اللندنية، في تقرير لها، 17 أبريل 2020، أن إخوان ليبيا بقيادة خالد المشري، استنجدوا براشد الغنوشي، خشية تبدل الموقف التونسي، خاصة بعد تصريحات لوزير الدفاع عماد الحزقي أمام البرلمان، وصف فيها القوات الموالية لحكومة الوفاق بأنها "ميليشيات".
خلافات جذرية
في الوقت ذاته، قد يكون هناك خلافات باطنة بين "قيس" و"الغنوشي"، خاصة أن حركة النهضة منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، أكتوبر 2019، كانت تسعى إلى استقطاب "قيس سعيد" والتدخل في إدارته لشؤون البلاد، مثلما حدث مع الرئيس الأسبق "منصف المرزوقي".
كما أن زيارة "أردوغان" إلى تونس في 25 دسيمبر 2019، لبحث الأوضاع في ليبيا، يبدو أن الغرض منها كان مساومة الموقف التونسي بمساعدات عسكرية، إلا أن رفض "قيس" لذلك عمق الصراع بين حركة النهضة الإخوانية وقصر الرئاسة.
تصرفات قيس سعيد، تشير إلى أنه انتبه لهذا الغرض جيدًا، وأصبح يتصرف وفقًا لما تمليه عليه رئاسته للبلاد، دون تدخل من حركة النهضة، خصوصًا أن الأخيرة تعاني حاليًا من غضبة جماهيرية، إذ كشف استطلاع رأي أجري في أبريل المنصرم، رفض 72% من التونسيين المشاركين فيه ترؤس "الغنوشي" البرلمان، وأنهم لا يريدون له دورًا سياسيًّا في مستقبل البلاد.
للمزيد.. باتفاقيات العار.. قطر وتركيا تقوضان سلطات صانع القرار التونسي





