ad a b
ad ad ad

في مئوية تأسيسه.. البرلمان التركي دمية في يد نظام «أردوغان»

الثلاثاء 19/مايو/2020 - 01:34 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

في الوقت الذي احتفلت فيه تركيا بمئوية البرلمان الذي أصبح في عهد الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان بلا صلاحيات، بسبب سيطرة الحزب الحاكم «العدالة والتنمية» عليه، واستخدامه كحصان طروادة لتمرير جميع القوانين المشبوهة.


البرلمان التركي تأسس في أبريل 1920، على يد مصطفى كمال أتاتورك أثناء حرب الاستقلال، ليكون بديلًا عن المجلس العمومي الذي يعد أول مجلس برلماني للدولة العثمانية، وافتتح 19 مارس 1877، وكان يضم آنذاك مجلسًا للنواب منتخبًا يُسمى مجلس «المبعوثان»، ومجلسًا للأعيان يعينه مدى الحياة، إلا أنه أصبح ألعوبة في يد أردوغان ونظامه.

في مئوية تأسيسه..

لعب البرلمان التركي منذ عام 2003 بالتزامن مع سيطرة «العدالة والتنمية» على السلطة في تركيا دورًا محوريًّا في تحديد علاقة الحكومة بالمؤسسة العسكرية، والحد من نفوذها في البلاد، وهيمنتها على الحياة السياسية، واستخدم في سبيل ذلك ترسانة واسعة من الإصلاحات القانونية والمؤسسية، حتى نجح في تقليم أظافر الجيش، وجعله تحت السيطرة الكاملة لأردوغان.


وتمكن الرئيس التركي من ترويض البرلمان، من خلال الأغلبية التي حصل عليها في الانتخابات البرلمانية، وتمكن من التحول بدون معارضة تذكر إلى النظام الرئاسي، وتنصيب نفسه رئيسًا، بعد أن اختار على بن يلدريم، رئيسًا للبرلمان، عقب مسرحية انقلاب 15 يوليو 2016 الهزلية؛ ما يضمن عدم خروج قرارات تهاجم قراراته وسياساته، كما تضمن له برلمانًا خاضعًا لأوامره؛ خاصة في ظل العلاقات القوية التي تربط «أردوغان» برئيس وزرائه السابق، ونفس الأمر تكرر مع رئيس البرلمان التركي الحالي مصطفى شنطوب.


ولم يتأخر أردوغان في استخدام سلطاته الجديدة ليصدر سيلًا من المراسيم الرئاسية بقوة القانون؛ ما جعل البرلمان مجرد صدى لقراراته، إذ أصبح بلا أي سلطات لممارسة أي رقابة على الشكل الاستبدادي الذي يعمل به الرئيس، وهو ما يثبت أنه فاقد الأهلية في ظل النظام الجديد.


تطويع السلطة القضائية

نجاح رجب طيب أردوغان في تطويع والسيطرة على السلطة القضائية، بعمليات التصفية الممنهجة التي اتبعها عقب انقلاب 2016، مكنتها من السيطرة على البرلمان أيضًا إذ إن القضاء ينحاز إليه في حال وجود أي نزاع مع البرلمان حول التشريعات، وبما أن الرئاسة والبرلمان باتا ذراعين تشريعيين، فالخلاف يتم حسمه من خلال المحكمة الدستورية، التي يعين نصف أعضائها وفق القوانين التي سنها بمراسيم رئاسية.


الفوضى التركية.. صراع الأجنحة في «العدالة والتنمية» يكشف تخبط أردوغان وحزبه


سيطرة أردوغان على السلطة التشريعية مكنته أيضًا من إصدار قوانين سيئة السمعة، إذ أقر البرلمان قوانين جعلت نظام الطوارئ واقعًا فعليًّا بمجرد الإعلان عن انتهاء مدة تطبيقها التي استمرت لعامين، بعد موافقة النواب على تشريع شديد القسوة لمكافحة الإرهاب، الذي أصبح أداة لإضفاء شرعية على حكم الرجل الواحد.


كما أقر البرلمان التركي قانونًا مثيرًا للجدل يتيح الإفراج عن عشرات آلاف السجناء؛ بهدف التخفيف من الاكتظاظ في السجون المهدّدة بوباء فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» لكنه يحرم سجناء سياسيين من حق الاستفادة منه، كما أقر تشريعًا لإرسال الجيش التركي إلى ليبيا، ومن قبله سوريا، في تحدٍّ صارخ للأعراف الدولية.


كما منح البرلمان سليمان صويلو وزير الداخلية التركي، مزيدًا من الصلاحيات التي تمنح له مزيدًا من القدرة على القمع ضد معارضيه؛ خاصة أن رجب طيب أردوغان يخشى زيادة المعارضة ضده في ظلِّ الظروف الاقتصادية السيئة التي تعيشها أنقرة على إثر قراراته.


ويأتي ذلك في الوقت الذي يشكو فيه نواب المعارضة من عدم تجاوب واهتمام الوزراء ورئاسة الجمهورية، مع الاستجوابات البرلمانية التي يقدمونها إلى البرلمان كما كان في السابق.


وفضلًا عن رفض حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي منذ البداية، الانتقال إلى نظام الحكم الرئاسي والوقوف ضده، دعم العديد من السياسيين وقادة الأحزاب الجدد في تركيا، عودة البلاد إلى نظام الحكم البرلماني، باعتبار أن النظام الجديد زاد من حالة القمع، وتكميم الأفواه، وتغييب الديمقراطية.


يشار إلى أن مجلس الأمة «البرلمان» يتولى السلطة التشريعية في البلاد بمقتضى الدستور التركي، وطبقًا للمادة 87 منه، فإنه يتولى مهام وسلطات من أبرزها: تعديل الدستور، وسن وتغيير وإلغاء القوانين، وإزالة الحصانة عن النواب، واتخاذ قرارات إسقاط العضوية البرلمانية، ومراقبة مجلس الوزراء والوزراء، والسماح لمجلس الوزراء بإصدار مراسيم بشأن مسائل معينة، وانتخاب ثلاثة من أعضاء المحكمة الدستورية التي تتكون من 17 عضوًا.


ومن صلاحياته أيضًا مناقشة مشاريع قانون الميزانية والموافقة عليها، واتخاذ قرارات إعلان الحرب، وإرسال القوات المسلحة إلى الدول الأجنبية، والسماح بوجود القوات المسلحة الأجنبية في تركيا، والتصديق على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وإصدار قرارات إعلان العفو العام والخاص، والموافقة على خطط التنمية والإشراف على الشركات التابعة للدولة، وانتخاب أعضاء المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون.


ويتكون البرلمان التركي من 550 نائبًا ينتخبون بالاقتراع السري المباشر من 85 دائرة انتخابية، موزعة على محافظات البلاد البالغة 81 محافظة حسب حجمها السكاني، وإذا حصل حزب سياسي على 276 مقعدًا فإنه يتولى تشكيل الحكومة، ولكن لا يتم إجراء استفتاء على تعديل دستوري إلا بموافقة 330 نائبًا برلمانيًّا، ولا يغير الدستور مباشرة من البرلمان إلا بموافقة 376 نائبًا.

"