ad a b
ad ad ad

أزمة تدفق اللاجئين.. اليونان وتأثير المعضلة الجيوسياسية

الأربعاء 04/مارس/2020 - 04:57 م
المرجع
إسلام محمد
طباعة
تعد الجغرافيا إحدى أهم محددات السياسة الخارجية اليونانية، وتشكل العلاقات مع جارتها الشرقية تركيا أهم العلاقات الخارجية التي تؤثر بشكل كبير على مجريات الأمور في المنطقة، فالعداوات التاريخية المحتدمة بين الدولتين تظل عاملًا مؤثرًا شديد الأهمية في المشهد السياسي الراهن بشكل لا يمكن إغفاله عند دراسة تلك المنطقة الحيوية من العالم.

وأدت التحولات في السياسات التركية في عهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تغيير نظرة القوى الكبرى لليونان وأعادت تشكيل توازن القوى في المنطقة، فالخبير الاستراتيجي الأمريكي، جون سيتي ليدز، يقول إن أثينا كانت قبل ذلك ينظر إليها على أنها تمثل جزءًا صغيرًا من العلاقات المضطربة بين تركيا ودول حلف الناتو، لكن الولايات المتحدة اليوم تنظر إليها اليوم باعتبارها حجر الزاوية لحلف شمال الأطلسي في واحدة من أكثر المناظر الطبيعية الجيوسياسية تعقيدًا في الكون.
ويضيف "ليدز" أن القيادة المركزية الأمريكية تنظر إلى أنقرة على أنها تمثل خطرًا على الأهداف الأمريكية فيما يتعلق بالمفين الإيراني والسوري وغيرهما.

أزمة تدفق اللاجئين..
وتشهد المنطقة الآن أكبر أزمة للاجئين في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية إذ يتعامل اليونانيون مع هذا الملف بدعم من الاتحاد الأوروبي والوكالات الأوروبية المختصة كـ«فرونتيكس» التي تقدّم الدعم المالي والتقني لقوات الأمن اليونانية.

هذه التطورات التي وقعت خلال السنوات الأخيرة من حكم حزب العدالة والتنمية لتركيا تساعد في تفسير تطلعات أثينا لتحل محل أنقرة كمحور دبلوماسي واقتصادي إقليمي وحصن رئيس لحلف الناتو، على اعتبار أن اليونانيين يتماهون بشكل أكبر مع ما يطلبه صنّاع السياسة الأمريكيون وهو تولي واجبات أكبر في الدفاع المشترك.

ويوجد إجماع قومي داخل اليونان اليوم على اختلاف أطياف القوى السياسية، أن الشراكة مع واشنطن ينبغي أن تشكل حجر الأساس للأمن القومي لبلادهم، وتعزز هذا التحول بقيادة أليكسيس تسيبراس, رئيس الوزراء السابق والآن يوسع وسط اليمين مبادراته بقيادة حزب الديمقراطية الجديدة الموالي للولايات المتحدة.

وكما يقول الأستاذ في جامعة باريس، "جورج بريفيلاكس" في كتابه «جيوبوليتيك اليونان»، إن ضمان يونان مستقرة سياسيًّا واقتصاديًّا يساعد على استقرار المنطقة، واليونان تتَبَلقَن (أي تتأثر بشكل أكبر بالتوترات في منطقة البلقان ألبانيا، كوسوفو، مقدونيا، صربيا)، فهي تعد بوابة أوروبا الجنوبية وهي البلد الديمقراطي الوحيد ذو الثقافة والأصول الأوروبية في محيط مضطرب ففي الشمال نرى صعود القوميين البلقان، وفي الجنوب تتراجع الديمقراطية في شمال أفريقيا، وفي الشرق تركيا التي يحكمها الإسلاميون.

ولا يمكن قراءة أزمة اللاجئين اليوم بمعزل عن علاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي والغرب بصفة عامة، وبالعلاقات المتوترة مع اليونان على وجه التحديد والتي ترجع جذورها لعهد العثمانيين وأحداث الحرب العالمية الثانية.
"