ad a b
ad ad ad

بعد مغادرته الغوطة.. «جيش الإسلام» المزعوم يفقد كامل نفوذه في سوريا

الثلاثاء 29/مايو/2018 - 07:35 م
المرجع
أحمد سامي عبدالفتاح
طباعة
غادر ما يُسمى جيش الإسلام معقله الأخير في الغوطة الشرقية- دوما- متوجهًا إلى الشمال السوري، في أبريل من العام الحالي، ضمن اتفَاقِهِ العسكري مع روسيا القاضي بالسماح لمقاتليه وعائلتهم بمغادرة دوما، برفقة أسلحتهم الخفيفة فقط. 

وكانت السلطات الروسية قد رفضت طلبًا من جيش الإسلام بالسماح لمقاتليه بالتوجه نحو مدينة درعا في الجنوب السوري، اعتقادًا من روسيا أن ذلك يعزز من قوة المعارضة السورية في الجنوب السوري، بل إن ذلك- في حال تحققه- يمنح التنظيم فرصة تعزيز مصادر تمويله الخارجية؛ ما سوف يشكل معضلة أمام أي تسوية مستقبلية قد تندرج فيها القوى الدولية الراغبة في الحفاظ على هدوء الأوضاع في الجنوب السوري.

وقد خسر جيش الإسلام بمغادرته الغوطة الشرقية منطقة نفوذه الوحيدة في سوريا، ليجد نفسه أمام عدد من التحديات، ولعل ضعف قوته العسكرية الناجم عن تخليه عن أسلحته الثقيلة في الغوطة الشرقية هو أبرز المعوقات التي تحول دون فرض التنظيم نفسه في الشمال السوري، خاصة أن الفصائل المسلحة في مدن الشمال السوري تمتاز بالجاهزية العسكرية، فضلًا عن تنازعها البيني من أجل ترسيخ نفوذها؛ بهدف تقديم نفسها كأداة فاعلة في أي تسوية سياسية مستقبلية. 

علاوة على ذلك، شكَّل فقدان التنظيم لحاضنته الشعبية في الغوطة الشرقية ضربة مدوية لهيئته السياسية العليا التي كانت تعتمد على الشرعية الشعبية الداخلية في تقديم نفسها للقوى الدولية بصفتها فاعلًا قويًّا لا يمكن تجاهله رغم الحصار المفروض على ريف دمشق من قِبَل النظام السوري؛ ما يفسر استقالة محمد علوش من الهيئة السياسية للتنظيم.

ويعني ذلك أن التنظيم قد وجد نفسه وحيدًا في الشمال دون دعم شعبي يمكنه من مواجهة أي تهديد محلي؛ ما يعني أن اندماج التنظيم في أي قتال لن يكون مبررًا على الإطلاق، بل سيؤدي ذلك إلى تعميق صورته السلبية بصفته مصدرًا للفتنة في الشمال السوري. 

ويشكل وجود هيئة تحرير الشام التي تعد جبهة النصرة عمودها الفقري معضلة حقيقة أمام التنظيم الساعي لإعادة تنظيم صفوفه مرة أخرى في شمال سوريا، ويرجع ذلك إلى الخصومة البينية بين الطرفين والتي تحولت لاقتتال في منتصف عام 2016 في الغوطة الشرقية، حينما انحاز مقاتلو جبهة النصرة لفيلق الرحمن في قتاله ضد جيش الإسلام، بعبارة أخرى، سوف تحاول هيئة تحرير الشام رد الدَّيْن لجيش الاسلام، وسوف تبذل قصارى جهدها من أجل منعه من تثبيت قدمه في أي منطقة في الشمال السوري.

كما يلعب الرفض التركي لجيش الإسلام دورًا في تكالب الفصائل عليه ومنعه من إعادة تصدر المشهد مرة أخرى ولو بشكل جزئي في بعض المناطق، حيث ترى تركيا في ولاء جيش الإسلام للسعودية تهديدًا لنفوذها على الفصائل؛ ما يعني أنها لن تسمح له بالتمدد ولعب أدوار خارج النسق العسكرية المرسومة له، واتساقا مع الرغبة التركية بتقييد مقاتلي جيش الإسلام، فقد سمحت لهم تركيا بإعادة التمركز في مدينة طرابس التي استعادتها تركيا برفقة فصائل من المعارضة المسلحة من تنظيم داعش في 2016 ضمن عملية درع الفرات، ليكون التنظيم على مقربة من الحدود التركية، ومن ثم تستطيع تركيا إحكام رقابتها على عناصره.

في ضوء هذه الأسباب، نجد أن خيارات المواجهة لدى جيش الإسلام محدودة للغاية، حيث من المتوقع أن يلتزم التنظيم بالهدوء التام، محاولًا شراء أسلحة من بعض الفصائل التي ربما تكون في حاجة مالية، إلا أن ذلك لن يحقق غرض التنظيم الهادف إلى استعادة قوته العسكرية إلى سابق عهدها مرة أخرى.

ويعد الانحياز إلى أحد الفصائل المتقاتلة خيارًا مطروحًا لدى التنظيم الذي من المتوقع أن يعمد إلى استغلال التنازع البيني بين فصائل الشمال، مع تقديم نفسه لأحد الأطراف بصفته داعمًا عسكريًّا وأيديولوجيًّا؛ ما سوف يساعده على ترسيخ قدمه، وإيجاد حاضنة شعبية، فضلًا عن استغلال فوضى الحرب لشراء السلاح. 

وفي نهاية المطاف، إن لم يتمكن التنظيم من الحصول على أسلحة بأسرع وقت ممكن، فإن الفصائل الأخرى سوف تحاول استقطاب مقاتليه، وإغرائهم برواتب مالية، فضلًا عن أدوار قتالية جديدة تتسق مع ذواتهم الراغبة في قتال النظام السوري.

ربما يقصد مقاتلو الجيش هيئة تحرير سوريا- المُشَكَّلَة حديثًا من اندماج عسكري بين حركتي أحرار الشام ونور الدين الزنكي- من أجل مقاتلة هيئة تحرير الشام في حالة تجدد القتال معها مرة أخرى.

الكلمات المفتاحية

"