بالوثائق.. الروافد المالية لإتاوات داعش في العراق قبل انهياره

سعى تنظيم داعش الإرهابي منذ الإعلان عن ظهور دولته البائدة
في «الموصل» إلى تقديم نفسه كدولة تتحكم في مناحي الحياة بشكل عام، حيث أنشأ
الدواوين ونشر البيانات التحذيرية على العامة، ووضع أمامهم عناصره الإرهابيين
يسيرون في الطرقات لتحصيل الغرامات التي فرضها لبناء نفسه اقتصاديًّا من الداخل عن
طريق جمع الأموال الباهظة من العامة بأي وسيلة؛ حيث عثرت القوات العراقية عثرت على
15 ألف وثيقة تم جمعها من مقراته ومخابئه، ومعسكرات التدريب ومنازل القادة في مخابئه
بعد هزيمته التي مُنيَ بها، كشفت
عن وجود أدوات أخرى لجمع الأموال، كان في مقدمتها تحصيل رسوم على المواليد، من
خلال استخراج شهادات ميلاد تحمل اسم «ديوان الصحة - شهادة ولادة» وغيرها.
وفي أوج وجود التنظيم الإرهابي وسيطرته على الأراضي الشاسعة
في دولتي العراق وسوريا -وذلك بين عامي 2014 و2017- فرض ما يعرف لديه بـ«ديوان
الحِسبة» العديد من القيود على العامة لبسط نفوذه وجمع العديد من الأموال بطرق ملتوية
غير المتعارف عليها تحت بند «الجباية»، إذ ركن إلى وضع بنود وشروط تعجيزية لحصد
الأموال كـ"عقود بيع الأراضي، ومخالفة قواعد اللباس"، بالإضافة إلى ما أطلقوا
عليه اسم "المخالفات العامة".

مصادر محلية
تنوعت قوة تنظيم داعش الإرهابي الربحية باختلاف الاعتقاد السائد عن اعتماد التنظيم على مصادر تمويل خارجية بجانب عائدات النفط التي كان يتاجر فيها من تهربيه وبيعه، نظرًا كونها كانت تدر عليه أموالًا طائلةً، إذ استهدف التنظيم الإرهابي الاقتصاد المحلي الذي كان يتركز في الأساس على المبادلات التجارية والزراعية داخل الأراضي التي كان يسيطر عليها.
أدار التنظيم الإرهابي عبر دواوينه التي أنشأها بعد بسط نفوذه اقتصاده بطريقة بيروقراطية محكمة، حيث أمر جميع الموظفين الحكوميين بعد أسابيع من احتلاله «الموصل» بالعودة مرة أخرى لمقار أعمالهم واستئناف العمل تحت أعين عناصر التنظيم؛ حيث استثمر هيكل العراق إدارة دولته المزعومة، إذ تطرق بعد ذلك إلى إعداد لوائح لتسجيل الحضور والانصراف اليومي، متوعدًا بأشد العقوبات لمن لم يلتحق بعملة مرة أخرى، الأمر الذي دعا العاملون إلى مواصلة أعمالهم، واستأنفت المؤسسات الحكومية أعمالها تحت مسميات «الدواوين» التي أطلقها التنظيم على المؤسسات.

دليل النهب
حصد داعش على دخل ضخم من النشاط الزراعي، حيث تولى ما يسمى بـ«ديوان الغنائم» مسؤولية نهب الأراضي والمنازل من العراقيين لا سيما الشيعة، من خلال تأجير الأراضي الجديدة المملوكة للحكومة للفلاحين، بإصدار أوامر للعامين بالإسراع في معاملات التأجير أو تحويل الملكية، حيث صار منح الأراضي يتعدّى نطاق الأراضي الحكومية ليشمل الأراضي المملوكة للأقليات من الشيعة، والإيزيديين، والمسيحيين.
وعمل عناصر داعش على مصادرة الممتلكات الخاصة داخل المنازل كـ«الطاولات والأسرة، والمفروشات» وغيرها من أساسيات المنزل، إذ فرض ضرائب قاتلة على الزارعين أيضًا بالدفع شهريًا لقاء إعطائهم الأرض بالإيجار وضرائب على الحصاد نفسه، وإن كانوا فقراء يتوجب عليهم مشاركة التنظيم في أرباح الأراضي التي منحهم إياها؛ إضافة إلى فرضية ضريبة أخرى تحت بند «ضريبة الطرقات» مقابل نقل المحصول إلى المخازن وضرائب على التخزين.
وفرض التنظيم الإرهابي على الراغبين بالحصول على هاتف أرضي بدفع 15 ألف دينار لتركيب الهاتف، بالإضافة إلى دفع 5 آلاف دينار شهريًا لأغراض الصيانة، كما ألزم التنظيم الإرهابي على قاطني المنازل بدفع ألفي دينار عراقي شهريًا نظير جمع القمامة، و10 آلاف دينار للمياه، و10 آخرين نظير استخدام 10 أمبير من الطاقة الكهربائية.
للمزيد: بالذهب والابتزاز.. هل يستطيع «داعش» جمع أموال لعودته بعد الانهيار؟

شهادات الميلاد
أقام التنظيم الإرهابي مكاتب عدة تابعة له من بينها مكتب لمنح شهادات الميلاد؛ حيث جاءت من ضمن الوثائق شهادة ميلاد مطبوع عليها اسم «ديوان الصحة - شهادة ولادة»، لطفلة عراقية أثبتها التنظيم في ما يسمى بـ«ديوان الصحة» تحمل شعار التنظيم وختم كتب عليه «صحة ولاية الجزيرة».
مراقبين صلاة
وضع التنظيم الإرهابي مراقبين للعامة في المساجد أثناء أدائهم الصلاة؛ حيث أصدر عددًا من المذكرات التي تهدف في الأساس إلى جمع الأموال عن طريق وضع غرامات وهمية بتحصيل المال أو السجن بديلًا عمن يمتنع عن الدفع، حيث كانت التهمة الأكبر التي انتشرت هي «استهزاء في الصلاة»، إذ عُثر على وثيقة في منزل في بلدة «تلكيف» التابعة لمدينة الموصل تم تحويل شاب إلى ما يسمى بـ«ديوان الحسبة» وإصدار مذكرة توقيف في حقه بتهمة «شاب استهزأ أثناء الصلاة» والزج به في سجون التنظيم لعدم قدرته على دفع الغرامة المالية.
للمزيد: بالوثائق والتفاصيل.. تركيا تشتري النفط من «داعش» عبر «باور ترانس»