مخطط «الإخوان» للانتقام من جيشي مصر وسوريا بسبب نصر العاشر من رمضان
السبت 26/مايو/2018 - 04:23 م
دعاء إمام
حرب أكتوبر، أو ذكرى نصر
العاشر من رمضان، لم تكن حربًا بين طرفين يسعى كل منهما إلى الانتصار، بل كانت
ملحمة تاريخية لإعلاء كلمة الحق وإعادة كرامة الدول العربية وكبريائها، في يوم
مشهود استطاع رجال قواتنا المسلحة البواسل أن يلحقوا العدو هزيمة لن ينساها أبدًا.
فبعد أن تلقيا الصدمة الأولى
التي خلفتها نكسة يونيو 1967، اتفقت جمهوريتا مصر وسوريا على حرب تحريرية شاملة؛
إذ خاض الجيشان معارك ضارية ضد المحتل الإسرائيلي، إلى أن أثمرت جهود الدولتين عن
الانتصار التاريخي الذي حققه الجيشان في أكتوبر عام 1973.
جماعة الإخوان لم يكن لها أي دور يُذكَر في تلك المعركة، ولم
يكتفوا بذلك، بل كانوا يخططون في كيفية الانتقام من الجيش وكسر معنوياته.
مسجد المطراوي
خطط الاغتيالات
على صعيد متصل، في نهاية ستينيات القرن العشرين، وبمنطقة
«المطرية» شرق القاهرة، التقت مجموعة من الشباب الإسلاميين، للمرة الأولى، داخل
مسجد «المطراوي»، المدفون فيه شيخ صوفي يُدعى أحمد المطراوي، والمفارقة أن
الإسلامويين يفتون ببطلان الصلاة في المساجد المحتوية على أضرحة.
كانت تلك الجلسات تتم بعلم الشيخ أحمد الماحي، إمام المسجد
آنذاك، وهو زوج ابنة عبدالفتاح إسماعيل «أحد أعضاء تنظيم 65 الذي أسسه سيد قطب،
وتم إعدامهم عام 1966، بعد التخطيط لاغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر».
وعلى بُعد أمتار قليلة من جسد «المطراوي» الصوفي المقبور داخل
الضريح، وضع الفلسطيني من أصل أردني، صالح سرية، الأساس لأول تنظيم جهادي مُسلح
بمصر، وهو ما عُرف فيما بعد بـ«تنظيم الفنية العسكرية»، والذي نفذ هجومًا على
الكلية الفنية العسكرية في أبريل 1974، أسفر عن استشهاد 16، وإصابة 65 جنديًّا.
إذ اتخذ «سرية» من نكسة يونيو 1967 ذريعةً لبدء نشاط التيار
الديني الراديكالي وإعادة التفكير في إقامة الدولة الإسلامية، وبحسب اعترافات طلال
الأنصاري، أحد عناصر التنظيم، فإنهم يتبعون أدبيات الإخوان، وبايعوا حسن الهضيبي،
المرشد الثاني للجماعة (1951-1973).
وبالتزامن مع اجتماعات مسجد «المطراوي» في القاهرة، كانت تعقد
اجتماعات مماثلة في جامع «النوري الأثري» بمدينة حماة السورية، بزعامة الجهادي
المتشدد مروان حديد، الذي ولد عام 1934 بمدينة حماة، وانتمى إلى جماعة الإخوان في
مطلع الخمسينيات، ثم سافر إلى مصر ليلتقي سيد قطب، أحد مُنَظِّري جماعة الإخوان،
وبعدها عاد إلى بلاده عام 1964، وأعلن العزلة والاعتكاف في منزله سنواتٍ عدّة، إلى
أن اتخذ من المساجد والمنابر مقرًا للإفصاح عن نيته في تشكيل جماعة جهادية مسلحة.
التأثر بأفكار «قطب»
تَأثُّر «حديد» بأفكار «قطب» صنع منه قائدًا لخط جديد في صفوف
«إخوان سوريا»، شكَّلوا فيما بعد نواة ما عُرف بـ«الطليعة المقاتلة»، وهي أول
تجربة جهادية مسلحة في سوريا، كذلك «سرية» قام هو الآخر بالدور ذاته؛ إذ شهد عام
1968 وجود كليهما في الأردن، ورغم عدم ثبوت لقاء مؤسس تنظيم الفنية العسكرية بمؤسس
الطليعة المقاتلة آنذاك، فإن الأردن شهد بزوغ الفكر الجهادي المسلح، الذي انتقل إلى
سوريا ومصر في فترة زمنية متقاربة.
في اعترافاته قبل تنفيذ حكم الإعدام، قال «سرية»، إنه «خطط
لتأسيس تنظيم الفنية العسكرية وهو في الخارج، ثم عاد إلى مصر عام 1971»؛ الأمر
الذي يرجح أن فترة وجوده بالأردن شهدت التخطيط لأطروحة العمل الجهادي المسلح في
مواجهة الدولة والحاكم، كما هو الحال بالنسبة لـ«الطليعة المقاتلة» بسوريا.
واستهدف تنظيم «صالح سرية» كلية الفنية العسكرية عام 1974، ونفذ
عناصره هجومًا مسلحًا ضد الجنود، فقتلوا منهم 16 ذبحًا وطعنًا؛ لكن تم إلقاء القبض
على أفراده، وهم: «صالح سرية، طلال الأنصاري، كارم الأناضولي، ويحيى هاشم»، وفي
تحقيقات النيابة معهم اعترفوا بأن «زينب الغزالي»، إحدى القيادات المؤثرة داخل
جماعة الإخوان، كانت حلقة الوصل بينهم وبين مرشد الإخوان، فألقي القبض عليها.
«ويكيليكس» تكشف المستور
ورغم نفي الجماعة أي صلة لها بتنظيم «الفنية العسكرية» الذي اعتبرته «جهاديًّا» ولا ينتمي إلى فكر الإخوان، فإن وثائق «ويكليكس» المنشورة عام 2013، كشفت مراسلات من السفير الأمريكي بالقاهرة آنذاك إلى الخارجية الأمريكية، بعنوان «الاتصال بين منفذ هجوم الفنية العسكرية وجماعة الإخوان المسلمين»، كما أفادت الوثائق بوجود تقرير مفصَّل يؤكد اتصال «سرية» بالتنظيم القديم للإخوان.
على جانب آخر؛ كانت أفكار قائد «الطليعة المقاتلة» سببًا في مداهمة منزله، وإلقاء القبض عليه في مارس 1973، وظل سجينًا حتى تُوفي بسجن المزّة العسكري عام 1976، وعلى سبيل المفارقة، شهد العام ذاته إعدام زعيم تنظيم «الفنية العسكرية»، ليفارقا الحياة معًا، تاركين خلفهما إرثًا إرهابيًّا ظل لأعوام أخرى يرعاه تلاميذهما؛ إذ تعهدت الخلايا التي درّبها «مروان حديد» بالثأر له، وبعد مرور ثلاث سنوات نفذوا أكبر هجوم لـ«الطليعة المقاتلة»، وكان في مدرسة المدفعية بمدينة حلب (شمال غربي سوريا).
سياسة التخلي كانت حاضرة من قبل المراقب العام لجماعة الإخوان في سوريا، علي صدر الدين البيانوني؛ إذ أعلن أن «إبراهيم اليوسف» لم يكن إخوانيًّا، وكان يؤمن بالفكر البعثي (القومي)، وهو ما استهجنته زوجة الضابط «عزيزة الجلّود»، التي وصفت الجماعة بأنهم «متخاذلون عن الجهاد».
وردَّت على المراقب العام لجماعة الإخوان بسوريا بعد تنكره لزوجها، بأن: «أخو البيانوني التقى الشهيد ليلةً كاملةً في بساتين حلب، واجتمع به للتنسيق، فكيف لا يعرف عنه شيئًا، وطلب انضمام 800 شاب من الجماعة، وقد رد عليه الشهيد أن التنسيق يكون على مستوى القيادة، وتوسيع التنظيم في ذلك الوقت غير مرغوب فيه؛ خوفًا من الاختراقات والخيانة».





