إثيوبيا وطبول الحرب
الأحد 13/أكتوبر/2019 - 02:28 م

صورة تعبيرية
نبيل نعيم

يظن الكثير من الناس أن طبول الحرب تدق الآن بين مصر وإثيوبيا؛ بسبب تعثر المفاوضات حول (سد النهضة) الإثيوبي، وكثير من الناس مثلي لا يظنون بأن حرب ستقع بين مصر وإثيوبيا.
وفي هذا الجو الملبد بالغيوم يخرج علينا دراويش مبارك ويقولون لم تكن تجرؤ إثيوبيا في عهد الرئيس مبارك أن تقوم ببناء السد، ويقولون إن حسني مبارك هدد إثيوبيا بضرب السد في حالة قدومها على بنائه؛ وهذا كلام سمك لبن تمر هندي يقال للسذج والمغفلين من دراويش ومرتزقة عصر مبارك الذي أدار ظهره لأفريقيا على مدار 30 سنة، وخاصة بعد محاولة اغتياله على أرض إثيوبيا من عناصر الجماعة الإسلامية، فتدابر مع إثيوبيا والسودان وغضب لنفسه غضبة أضرت بمصالح مصر في أفريقيا وملأت إسرائيل الفراغ التي تركته مصر، والذي تسببت فيه سياسة مبارك مع أفريقيا ودول حوض النيل.
مبارك الذي على مدار 30 سنة فشل في استكمال قناة (جونقلي) في جنوب السودان التي كانت ستوفر لمصر على الأقل من 10 : 12 مليار متر مكعب من المياه، وكانت مصر في عصر السادات قد شقت القناة حتى طول 260 كم، ولم يتبق سوى 60 كم فقط فأوقفها (جونجارنج) عندما أصبح رئيسًا لجنوب السودان.
إن مصر السادات لم تلتزم بتعهداتها لجنوب السودان؛ حيث إن الاتفاق كان السماح لمصر بشق القناة بطول 320 كم مقابل أن تقوم مصر بعمل جزء من التنمية في جنوب السودان (شق طرق – بناء مدارس – بناء مستشفيات.. إلخ) فلم تلتزم مصر بأي شيء، فأوقفت حكومة جنوب السودان التعاون مع مصر؛ لعدم التزام مصر بتعهداتها، وعلى مدار 30 سنة من حكم مبارك فشل في حل المشكلة مع الجنوب، ولم يتمكن على مدار 30 سنة من استكمال الـ60 كم من قناة جونقلي.
أما سد النهضة فإليكم قصة السد كما يرويها المهندس السوداني حيدر يوسف في حوار له على موقع دوت مصر، يقول: إن مبادرة حوض النيل في أساسها هي فكرة صهيونية نشأت في إسرائيل، وبدأ الإعداد لها سنة 1988 في دراسة عدها (هياجى إيرليخ) خبير المياه الإسرائيلي، ومعه فريق من الخبراء انتهوا منها سنة 1992، ومولتها كل من:
1- المؤسسة الإسرائيلية للعلوم
2- معهد السلام الأمريكي
فحوى هذه الدراسة أن مياه النيل ستكون مسألة حياة أو موت بالنسبة لدول حوض النيل المنبع والمصب على حد سواء، وانتهت الدراسة إلى أهمية أن تقوم إثيوبيا ببناء عدد من السدود لتجميع المياه، على أن تقوم إثيوبيا بإلغاء الاتفاقيات التاريخية السابقة مع دول حوض النيل، وبدأت إثيوبيا في بناء مصنع الأسمنت المستخدم في بناء السد سنة 2008، هذا ملخص قصة السد بدون إطالة، وبعدها تم توقيع اتفاقية عنتيبي الكارثية سنة 1992، كل ذلك في عصر الرئيس مبارك 30 سنة من الفشل لم تتقدم مصر في أي مجال من المجلات لا في التعليم ولا في الصحة ولا الصناعة، وأصبحت مصر سداح مداح للبضائع التركية والصينية وغيرها، ولنا عودة بإذن الله للكلام على فترة حكم مبارك.
وتكمن الخطورة الحقيقية لسد النهضة في حالة انهيار السد فدرجة الأمان لسد النهضة (1,5) درجة، بينما درجة أمان السد العالى 8 درجات، وفي حالة انهيار السد بعد أن تمتلئ البحيرة الخلفية 74 مليار متر مكعب من المياه سوف تختفي من الوجود كل المدن المقامة على نهر النيل بطول السودان حتى مدينة أسوان التي سوف يصلها الطوفان بعد قرابة 16 يومًا من الانهيار لأن البحيرة على ارتفاع أكثر من 250 مترًا.
وفي حالة امتلاء بحيرة ناصر بأكثر من 200 مليار متر مكعب سوف ينهار السد العالي، ونسأل الله العافية وألا يحدث ذلك البحيرة خلف السد العالي ممكن أن تصل إلى 180 مليار أقصى استيعاب لها؛ لأن انهيار سد النهضة عند امتلاء الخزان له آثار كارثية تفوق التصور والخيال أما أضرار السد في حالة بقائه فهي أقل كارثية من انهياره، خاصة في فترات ملء الخزان الذي طالبت مصر أن يكون على مدار 10 سنوات أو سبع، وألا تقل حصة مصر في فترة الملء عن 45 مليار متر مكعب، بينما حصة مصر هي 55 مليار متر مكعب، عندما كان تعداد 20 مليون نسمة نحن الآن 100 مليون، ولكن الجانب الإثيوبي على أن تكون فترة امتلاء الخزان من 4:3 سنوات فقط، وتكون حصة مصر 35 مليار بناقص 20 مليار متر مكعب في هذه الفترة سوف يتسبب نقص الماء في عمليات تصحر وبوار للأراضى الزراعية، وهذا كلام يترك لأهل العلم والخبرة أفضل.
أما مسألة تحلية مياه البحر فلن تعوض أي نقص مهما كانت الإمكانيات والتكلفة، فلا يوجد أي شيء يستطيع تعويض فقدان 10 مليار متر مكعب، فضلا عن 20 مليار، وإثيوبيا لا تحتاج خزان السد للزراعة فهي تعتمد أساسًا على الأمطار التي تتساقط بمعدل 1100 مليار متر مكعب لا يدخل منها إلى نهر النيل 84 مليار متر مكعب كل سنة أي حوالي 8% فقط من كمية الأمطار المتساقطة على الهضبة الإثيوبية، وهذا مقياس على مدار 100 سنة، من عام 1900 إلى 2000، وحوالي 1000 مليار متر تستفيد منها إثيوبيا في الزراعة، ولكن خزان السد سوف يستخدم أساسًا لتوليد الكهرباء بقدار 6000 ميجاوت أي ما يعادل 3 أضعاف السد العالي، وبالتالي لا بد من تمرير المياه من الخزان إلى مجرى النهر حتى تتولد الكهرباء.