ad a b
ad ad ad

الخداع الأمريكي.. تصفية حمزة بن لادن بين المقتل الغامض والتكتم المريب

الأربعاء 11/سبتمبر/2019 - 11:14 م
المرجع
علي عبدالعال
طباعة
لم تكد تمر أشهر قليلة على تعهد الخارجية الأمريكية في «28 فبراير 2019» بدفع مليون دولار كمكافأة مالية لمن يزودها بمعلومات عن حمزة بن لادن، حتى أعلنت الولايات المتحدة على لسان وزير دفاعها، مارك إسبر، في «23 أغسطس 2019» خبر موته.


وفي البيان الرسمي القديم لها، كانت الخارجية الأمريكية، قد قالت: إن المكافأة التي كانت ستقدمها مقابل معلومات «تتيح التعرف عليه (حمزة) أو تحديد مكانه في أي بلد كان». 

الخداع الأمريكي..
تخمينات وتأكيدات
وذلك باعتبار ما كان شائعًا من أن مكان وجود «ولي عهد القاعدة» محض تخمينات، مع معلومات مختلفة تقول: إنه يعيش في باكستان أو أفغانستان، أو ربما سوريا بعد أن كان قيد الإقامة الجبرية في إيران.

لكن التأكيدات الأمريكية التي جاءت لاحقًا حول مقتله بددت هذه التخمينات، ودللت على معرفة الأمريكيين بمكان وجوده؛ ما أتاح لهم تأكيد نبأ مقتله.

لكن وزير الدفاع الأمريكي لم يفصح عن أي معلومات إضافية بشأن مكان وزمان رحيل حمزة، وما إن كان موته طبيعيًّا أم تعرض للقتل، وهل لعبت واشنطن دورًا في موته أم لا؟.

أيضًا الرئيس الأمريكي الذي يغرد على «تويتر» معلقًا على كل شاردة وواردة، اكتفى حين سأله الصحفيون، بالقول: «ليس بوسعي أن أعلق على ذلك»،  وأضاف: «سأترك لكم التعليق على الموضوع بأنفسكم.. لكنني أقول لكم: إن حمزة بن لادن كان يمثل خطرًا كبيرًا على بلادنا».

وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت عن مسؤول أمريكي قوله: إنه يُتوقع أن تصدر الإدارة الأمريكية بيانًا بشأن حمزة بن لادن، وذلك بعدما نقلت محطة «أن بي سي» عن ثلاثة مسؤولين أمريكيين القول: إن واشنطن حصلت على معلومات استخباراتية تفيد بوفاة حمزة، لكن الإدارة الأمريكية لم تصدر بيانها. 

علي صوفان ، الضابط
علي صوفان ، الضابط السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي
ملابسات غامضة
علامات التعجب التي أثارها تضارب الموقف الأمريكي المعلن من قضية حمزة بن لادن، لا تقل بحال عن مثيلاتها تجاه موقف تنظيم «القاعدة» من هذه المسألة.

فالتنظيم -حتى الآن وبعد شهور من إعلان مقتله من قبل الأمريكيين- لم يعلق ولم يصدر عنه أي رد فعل ينفي أو يؤكد ما جرى لهذا القيادي الهام في صفوفه، كأن القاعدة لم تسمع ولم تره.

وهو ما دفع محلل شؤون الإرهاب في شبكة «سي إن إن» الأمريكية، بول كرويكشانك، إلى القول: إن هناك شيئًا محيرًا للباحثين الذين يتابعون ويحللون تنظيم «القاعدة»، «فإذا كان حمزة بن لادن قد مات بالفعل منذ شهور، فمن المتوقع أن تصدر (القاعدة) شكلًا من أشكال التأبين، وحقيقة أنهم لم يفعلوا أمرًا غير عادي؛ نظرًا إلى وضع حمزة داخل التنظيم».

ومن جهته، قال علي صوفان، الضابط السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي»، والعميل الذي حقق وكتب بشكل مكثف حول تنظيم «القاعدة» وحمزة بن لادن: «إنه من غير المعتاد ألا يعلن التنظيم مقتل أحد زعمائه».
الخداع الأمريكي..
رائحة مؤامرة
كانت الذراع الإعلامية للتنظيم، قد أصدر في عام 2018، آخر بيان علني معروف من حمزة، والذي هدد فيه السعودية.

ونقلت تقارير إعلامية عن بعض أنصار تنظيم القاعدة على شبكة الإنترنت تشكيكهم في خبر مقتله، ودعوتهم إلى توخي الحذر في التعامل معه في انتظار صدور بيان رسمي من الجماعة يثبت أو ينفي الإعلان الأمريكي.

وقال أنصار القاعدة على الإنترنت: إنهم سوف ينتظرون تصريحًا رسميًّا من التنظيم الجهادي.. وهو انتظار قد يطول، على ما يبدو.

وكتب «المهاجر الخراساني» ، وهو مؤيد بارز للقاعدة على الشبكة العنكبوتية، يقول: «لا نعرف شيئًا عن صحة هذا الادعاء، وسنؤكد الخبر أو ننفيه بعد التواصل مع القيادة العامة للقاعدة».

كما حذر «شبل العقيدة»، وهو كاتب ذو نفوذ في التنظيم، من أن الأخبار «قد تكون مزيفة وجزء من مؤامرة»؛ للحصول على معلومات عن مكان حمزة.

وقال: إن هذه طريقة تلجأ إليها المخابرات الغربية «في كل مرة يريدون فيها تحديد موقع زعيم جهادي».

المقصود: «إن الولايات المتحدة اكتفت بتأكيد مقتل نجل أسامة بن لادن، الذي كانت ترى فيه رأس جيل جديد من الجهاديين المتأثرين بفكر بن لادن الأب ويستهويهم خطابه، ثم أحجمت عن تقديم أي إفادة حول طبيعة ما جرى: كيف، وأين، ومتى، وما مصير الجثة؟ وهو موقف لابد وأن له أسبابه لدى الأمريكيين المولعين بتقديم التفاصيل المثيرة حول استهدافهم لمثل هذه الشخصيات الخطرة. 
 
و«القاعدة» المعروفة ببيانت نعيها المطولة التي تشيد بمن رحلوا من قياداتها لم تعلق ولو بكلمة حيال ما جرى لحمزة بن أسامة بن لادن، وهو موقف لا يمكن أن يعبر عن عبثية لدى التنظيم أو تجاهل لهذا الشاب الذي كان يجهز لزعامة التنظيم بقدر ما يثير التساؤلات !

فهل الأمريكيون تسرعوا في إعلانهم، وأكدوا مقتله من غير أن يتأكدوا، مع أن هذا ليس من عادتهم، لكنه ليس مستبعدًا مع إدارة دونالد ترامب ؟! 
 
وهل لدى القاعدة معلومات أخرى عن الرجل، الذي قد يكون مصابًا ويخضع للعلاج لديهم أم أن هناك أهدافا أخرى من وراء هذا السكوت؟.

أم أن الأمر طبيعيًّا، ليس فيه ما يستغرب، وحمزة قتل -حسب التأكيد الأمريكي- لكن الأمريكيين لن يكشفوا الآن الحقيقة التي في جعبتهم، في الوقت الذي اختار فيه القاعدة أن ينوح في صمت على رحيله.   
"