المُريدون.. دراويش الموالد والمباريات
الأحد 20/مايو/2018 - 11:37 م

سارة رشاد
بينما كان ياسين التهامي (أكبر المنشدين الدينيين في مصر) يصعد إلى مسرح ساحة الإمام الحسين (حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم)، بوسط القاهرة؛ لإحياء الليلة الختامية لمولد الحسين (احتفالية وتجمع لأتباع الصوفية) في الثلاثاء الثاني من فبراير 2016، كانت هناك رؤوس متحلقة حول شاشات تليفزيونية، وزعتها المقاهي الموجودة على أطراف الساحة تنقل لزبائنها وللمارة فعاليات مباراة بين قطبي الكرة المصرية (الأهلي والزمالك).
ما إن بدأ «التهامي» وصلته الإنشاديَّة حتى استجاب الحضور لألحانه، متمايلين برؤوسهم يمينًا ويسارًا في حالة انتشاء، بعضهم كان يتملكه تمامًا جمال الكلمات، أما الآخرون على أطراف الميدان فكانوا يتفاعلون مع المنشد قدر جهدهم، قبل كل مرة تخطفهم فيها فرصة تهديف ضائعة لفريقهم الذي اعتادوا تشجيعه، إنها الليلة الختامية لمولد الحسين، التي جاء إليها مُريدو الصوفية ومحبو الإمام، طالبين منه المدد والعون لهم ولفريقهم الذي ينافس على بطولة الدوري.
الواقعة التي تبدو غريبة، من قبل أناس حضروا إلى المولد، لترك هموم حياتهم فشغلتهم مباراة، لم يرغب مشايخ الطرق في التعليق عليها، لكنهم في الوقت نفسه لا يرون في تشجيع الصوفي لكرة القدم تحريمًا، بحسب الشيخ الطريقة الشرنوبية (طريقة صوفية سُنيّة، متفرعة من الطريقة الدسوقية المنسوبة لمؤسسها إبراهيم الدسوقي)، محمد عبدالمجيد الشرنوبي لموقع «المرجع».
وأضاف «الشرنوبي» أن كرة القدم مثلها مثل بقية الرياضات، التي لا يجد منهج الصوفية أزمة معها، خاصة أنها نوع من تهذيب النفس وصحة الجسم، موضحًا أن الصوفية لم تنشغل من قبل بمسألة ما إذا كان المتصوف يتابع كرة القدم أم لا، ولا حكم ممارسة المرأة لها.
وأشار إلى أن هدف المنهج الصوفي في المقام الأول، تقويم خُلق الفرد وتهذيب نفسه والعلو على مشكلات الدنيا، مستبعدًا أن تكون الرياضة ومتابعة مباراة كرة القدم متعارضة مع ذلك.
ولا تقتصر متابعة المباريات فقط على المُريدين، لكنها تمتد أيضًا إلى مشايخ الطرق تحديدًا صغار السن منهم، مثل أحمد التسقياني، شيخ الطريقة التسقيانية (ينتشر أتباعها في مصر وتركيا وليبيا والنمسا.. ويتخذون من اللون الأحمر شعارًا لهم)، الذي يُشجع النادي الأهلي، ويحرص على دعمه عبر حسابه الخاص على «فيس بوك».
ويقصد مفهوم الرياضة في الصوفية الممارسات التي يعتمد عليها شيخ الطريقة في تربية أتباعه، كأن يأمرهم بالصوم أو كثرة الصلاة، أو ترديد عبارة معينة لمئات المرات مثل الذكر (من أنواع العبادات الإسلامية والتي تعتمد على ذِكر الله)، ويدخل كل ذلك تحت مسمى ترويض النفس والتغلب عليها.
وكلاء الطرق الصوفية، (مناصب يشغلها دائمًا ورثة شيوخ الطرق، النجل الأكبر أو الأخ الأصغر)، يُعتبرون من أكثر فئات التصوف متابعة للمباريات، ويوجد في هذه المناصب دائمًا شباب صغير السن بعضهم لم يتجاوز العشرين من عمره.
وعلى سبيل المثال، فشيخ الطريقة المحمدية الشاذلية (الطريقة الأكثر شهرة في مصر والدول العربية والإسلامية)، نور الدين محمد عصام، الذي تولى مشيخة الطريقة منذ شهر فقط بعد وفاة والده، لم يتجاوز الحادية والعشرين من عمره، وعرف عنه ممارسته لكرة القدم، وليس متابعة مبارياتها فقط.