في الذكرى الـ18 لهجمات سبتمبر.. «القاعدة» أخطر التنظيمات الإرهابية في 2019

في 11 من سبتمبر 2001، نفذت خلية خاصة من تنظيم القاعدة، الهجوم الإرهابي الأعنف في تاريخ الولايات المتحدة، مستهدفةً مقر وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون، وبرجي التجارة العالميين في مانهاتن بولاية نيويورك الأمريكية.

وبعد مرور عام كامل، اعترف زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن للمرة الأولى بالمسؤولية عن الهجمات الإرهابية التي أسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف، وذلك عبر فيديو أرسله التنظيم لعدد من وسائل الإعلام.
وعقب الهجوم، أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش إطلاق حملة عالمية للحرب على الإرهاب، المتمثل في تنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية، التي تحالفت مع التنظيم ووفرت له مقرات ومعسكرات تدريب داخل أفغانستان.
نجحت قوات تحالف الشمال - مكونةً من فصائل أفغانية مسلحة معادية لطالبان- بالتعاون مع الجيش الأمريكي من إسقاط حكم حركة طالبان، وطرد تنظيم القاعدة من المدن الأفغانية.
ووفقًا لشهادات عديدة، أدلى بها قياديون بتنظيم القاعدة، من بينهم أيمن الظواهري وأبومصعب السوري، فإن عناصر القاعدة انسحبوا إلى المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان، واحتموا بالمناطق الجبلية؛ هربًا من الغزو الأمريكي.
تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من كسر شوكة القاعدة، وطالبان، لكن الأول عمل على إعادة بناء شبكته وتعويض الخسائر التي تلقاها جراء الحرب الأمريكية.
وبعد نحو 11 عامًا من هجمات سبتمبر، نجحت وحدة «سيل تيم» أمريكية من اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، في مقر إقامته بأبوت أباد الباكستانية.
وبالرغم من إعلان الرئيس الأمريكي وقتها باراك أوباما نجاح بلاده في قتل بن لادن، إلا أنه حذر من أن التنظيم قد يعود مجددًا؛ ليشن هجمات على الأراضي الأمريكية.
ومنذ اغتيال بن لادن، عمل تنظيم القاعدة على التمدد لساحات جديدة والاستفادة من النزاعات الطائفية في البلدان المختلفة، وذلك بحسب تقرير سابق لمجموعة صوفان جروب المعنية بشؤون الاستخبارات والأمن الدولي.
وقالت المجموعة- التي يترأسها علي صوفان عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي الذي كُلف بمتابعة ملف القاعدة عقب الهجمات التي استهدفت السفارات الأمريكية في نيروبي ودار السلام عام 1998- إن الحملة العالمية على الإرهاب لم تنجح في القضاء على تنظيم القاعدة؛ بالرغم من توفير كل التمويل والدعم العسكري اللازم لها.

في 2019.. "القاعدة" الأقوى
وأكد منسق مكافحة الإرهاب في الخارجية الأمريكية، أن القاعدة عمل في السنوات الأخيرة بصبر على إعادة تنظيم صفوفه، فيما ركزت الولايات المتحدة ودول التحالف الدولي على محاربة «داعش».
وتابع: ينبغي أن نعتبر فترة الصمت النسبي لـ«القاعدة» مؤشرًا على خروج التنظيم من الساحة؛ لأنه ما زال منخرطًا في هذا القتال، ويتعين علينا الاستمرار في مكافحته.
وعمل تنظيم القاعدة خلال السنوات الماضية على تقوية شبكاته والتحالف مع مجموعات مسلحة أخرى في أفريقيا وآسيا، ضمن ما يطلق عليه التنظيم «الجهاد التضامني».
وأعلن التنظيم عن تأسيس فرع جديد له في سوريا، تحت اسم حراس الدين في عام 2018، كما أعلنت أربع حركات مسلحة فى مالي ومنطقة الساحل، هي أنصار الدين، كتيبة المرابطون، إمارة منطقة الصحراء الكبرى، وكتائب ماسينا الاندماج في جماعة واحدة تتبع القاعدة تحت اسم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
وأكد تقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي، أن تنظيم القاعدة لا يزال يحظى بوجود قوي في أفغانستان ومناطق الحدود الباكستانية «وزير ستان».
وأوضح التقرير المنشور في فبراير الماضي، أن تنظيم القاعدة لديه معسكرات تدريب في عدة ولايات أفغانية، من ضمنها ولاية بكتيكا، وأنه يتعاون مع حركة طالبان ولديه موارد مالية ضخمة.
كما أعلن التنظيم عن تأسيس فرع له في شبه القارة الهندية بقيادة الإرهابي عاصم عمر، ويعمل هذا الفرع في دول الهند، وباكستان، وبنجلاديش، وبورما».
وفى اليمن، عمل التنظيم على تطوير نفسه مستفيدًا من الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014.
وكشفت دراسة لمجلس العلاقات الخارجية، وهو مؤسسة بحثية أمريكية مستقلة، أن التنظيم تحالف مع القوات الداعمة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وقاتل معها في مناسبات عدة، وهو ما أتاح له الانتشار والتمدد داخل اليمن
وتقدّر الدراسة عدد مقاتلي تنظيم القاعدة في اليمن عند تأسيسه عام 2009، بعدة مئات، وفي 2019 بأكثر من 7 آلاف مقاتل، تم تجنيد عديد منهم من المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي.
وتعتبر واشنطن أن «تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، هو الفرع الأكثر تطورًا وخطورةً من بقية فروعه، خاصةً أنه نفذ عدد من العمليات الإرهابية خارج البلاد في أوقات سابقة.

شكل جديد للتنظيم
وقال المجلس: إن التنظيم أصبح أكثر مرونةً مما كان عليه في الحادي عشر من سبتمبر 2001، مضيفًا أن التنظيم وقتها كان يتلقى الأوامر والتكليفات من قائده الأعلى وقتها أسامة بن لادن، لكنه تكيف مع الأوضاع الجديدة بعد الحرب على الإرهاب وغير من طريقة القيادة إلى الاعتماد على العناصر المحلية مع بقاء الاتصالات بين فرعه المركزي في أفغانستان وبين باقي الفروع الأخرى.
وأكدت مجموعة صوفان جروب في تقرير لها بعنوان «القاعدة باقية وتتمدد» أنه بالرغم من مقتل عدد من قيادات التنظيم الفاعلين في عدد من البلدان، إلا أن سلسلة الأشخاص الفاعلين والهامين في التنظيم لا تزال كبيرة.
وأوضحت «صوفان جروب»، أن تنظيم القاعدة يتمدد على الأرض طوليًّا؛ لأن العوامل الكامنة وراء بقائه لا تزال موجودة، معتبرًا أن أيدلوجيته لا تزال تنتشر مثل الفيروس، بينما يحظى التنظيم بعدد من الملاذات الآمنة في عدة دول.