في معقل القاعدة.. داعش يزاحم طالبان وأفغانستان تدفع الثمن

يمثل ذراعا الإرهاب الدولي الحالي داعش والقاعدة خطرًا على الاستقرار العالمي، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة الأمريكية إلى التوصل لاتفاق مع حركة طالبان الأفغانية قبل تنفيذ الانسحاب الكامل لقواتها من أفغانستان، وإنهاء حرب دامت لأكثر من 17 عامًا.

ضغوط أمريكية
وتضغط الولايات المتحدة في مفاوضاتها مع طالبان للتخلي عن دعم تنظيم القاعدة في أفغانستان، تظهر في الأراضي الأفغانية فرصة لتنظيم داعش للازدهار على حساب الطرف الآخر.
ويمارس تنظيما القاعدة وداعش في أفغانستان إرهابهما من أجل السيطرة على الأرض، بحيث يحاول «داعش» تعزيز وجوده في معقل تنظيم القاعدة المليئة بالعناصر الإرهابية القابلين للتجنيد في صفوفه، في ظل هزيمة التنظيم في سوريا والعراق ومحاولة لتحسين صورته العالمية وإبقاء مريديه وأنصاره في واجهة سيطرة واستمرار الدعم.
على الجانب الآخر، تعد أفغاستان أرض الجنة والرخاء لتنظيم القاعدة وحليفها الرئيسي حركة طالبان، التي تسعى لإعادة سيطرتها على الحكم في أفغانستان.
ويتمتع فرع داعش-خراسان بأفضلية بين ما تسمى داعش التي أعلنها في عدد متفرق من الدول حول العالم، ويعمل هناك على شن هجمات ضد المدنيين وكان آخرها تفجيرًا انتحاريًّا لحفل زفاف في كابول أسفر عن مقتل 63 شخصًا، فيما تقدر الأمم المتحدة أن لدى التنظيم هناك ما بين 2000 إلى 4000 مقاتل.

خطر «داعش» في افغانستان
ويحذر خبراء الأمن القومي من أن «داعش» يشكل تهديدًا خطيرًا للولايات المتحدة ودول غربية أخرى، خاصة في حال تم التوصل لاتفاق بين واشنطن وحركة طالبان الأفغانية وسحب القوات الأمريكية.
وتقول جنيفر كافاريلا، مديرة الأبحاث بمعهد دراسة الحرب«: إنه يجب أن تكون الولايات المتحدة قلقة للغاية بشأن استخدام داعش أفغانستان لشن هجمات على الغرب».
وعلى خلاف طالبان – طرف المفاوضات الفاعل في أفغانستان – التي تستهدف تنفيذ حكم محلي بشكل كبير – فإن أهداف تنظيم داعش تعد «أهدافًا دولية» وهي تستهدف دول الغرب (الكافر) على حد تعبيره، وهو ما يجعل التنظيم أكثر خطرًا على المستوى الدولي.
ويتلقى تنظيم داعش في خراسان الأفغانية، دعمًا من تنظيمات أخرى، في أفغانستان وباكستان، من خلال صلات بجماعات متطرفة أخرى في المنطقة، توفر هذه الجماعات الحماية والمراقبة، إلى جانب الإمدادات والسلاح.
وقال أمير جادون، الخبير في شؤون الإرهاب بمركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت، إن داعش خراسان، لديه مجموعة من العلاقات مع المنظمات المسلحة الأخرى في جميع أنحاء أفغانستان وباكستان، والتي توفر لها الدعم الإيديولوجي واللوجستي والتشغيلي، مثل التحالف مع الحركة الإسلامية لأوزبكستان.
و«داعش» ليس طرفًا في المفاوضات بين طالبان والحكومة الأمريكية - ولا بالنسبة للحكومة الأفغانية – وفي حال التوصل لاتفاق مع حركة طالبان، سيصبح تركيز جميع الأطراف إلى تنظيم داعش، الذي اعتبره مجلس الأمن القومي الأفغاني والبنتاجون معًا أنه يشكل تهديدًا خطيرًا لأفغانستان والعالم.
وتوصل تقرير صادر عن البنتاجون إلى أن داعش خراسان سيظل تهديدًا دائمًا في أفغانستان حتى لو توصلت الحكومة الأفغانية وطالبان إلى تسوية سياسية".
ويأتي ذلك التهديد، وسط وعود حكومية أمريكية بسحب قواتها من أفغانستان بأقصى تقدير العام المقبل، وامتد ذلك إلى الحملات الانتخابية المقبلة.

الانتخابات الأفغانية
وأجبرت الحملة الرئاسية لعام 2020 المرشحين على المشاركة في خطط لإنهاء الحرب الأمريكية التي استمرت 18 عامًا في أفغانستان، حيث تعهد اثنان من المرشحين الديمقراطيين للرئاسة، عمدة ساوث بيند بيت بوتيجيج والنائب تولسي جابارد (ديمقراطي من هاواي)، بالفعل بسحب جميع القوات الأمريكية من أفغانستان في غضون عام من توليه منصبه.
وفيما يتعلق بالرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، فإن الجدول الزمني لتنفيذ الانسحاب أقل وضوحًا بكثير، حيث قال وزير الخارجية مايك بومبيو الشهر الماضي إنه تلقى تعليمات من ترامب لتقليص عدد القوات الأمريكية هناك قبل انتخابات عام 2020، ولكن بعد يوم واحد تراجع بومبيو وقال إن الولايات المتحدة ستسحب قواتها «بأسرع ما يمكن أن نصل إلى هناك».
وأشار الوزير إلى أزمة وجود داعش قائلا: «بالتأكيد هناك أماكن يكون فيها داعش أقوى اليوم مما كان عليه قبل ثلاث أو أربع سنوات. لكن مشروعه للخلافة قد ولّى، وقدرته على شن هجمات خارجية أصبحت أكثر صعوبة بكثير».
ويرى دافع ديفيد بترايوس، الجنرال المتقاعد بالجيش الذي أشرف على القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق في مقال بصحيفة وول ستريت جورنال بالاشتراك مع فانس سيرشوك، «أن تكلفة الاحتفاظ ببضعة آلاف من الجنود في أفغانستان تتضاءل مقارنة بالسعر الذي ستدفعه الأمة استراتيجيًّا واقتصاديًّا، إذا أعادت القاعدة أو تنظيم داعش بناء منصة إرهابية هناك».