استهداف الحشد الشعبي.. بيان الصدر يفضح مخططات وكلاء إيران في العراق
حالة من الجدل السياسي فجرها بيان زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، والتي
دعا فيه الفصائل العراقية للانسحاب من سوريا؛ من أجل حماية الحدود العراقية، وفتح
تحقيق في استهداف مقرات الحشد الشعبي في العراق، والابتعاد عن الشعارات الرنانة
والإقدام على تصرفات تنال من الدولة العراقية.
وقال الصدر في بيان نشره على صفحته الرسمية على «تويتر»: «العراق أحق بدماء شعبه مع ما يتعرض له من خطر، كما أنني أؤكد على الرجوع إلى مراجعنا الكرام في كل ذلك، فإن فتواهم الموحدة هي الملهم الأول لنا ولكل محب للوطن».
دعوة الصدر لاجتماع عراقي
وحول استهداف مقرات ومعسكرات الحشد الشعبي، دعا الصدر إلى اجتماع؛ لبحث هذه التطورات على أن يكون محصورًا بالعراقيين، «من دون تدخل حتى من دول الممانعة للوجود الإسرائيلي والأمريكي في المنطقة، فضلًا عمن يحاول مهادنتهم ولا يحاول غلق سفارتهم في بلده؛ لذا فإن القرار يجب أن يكون تشاوريًا وبأسرع وقت ممكن وبخطوات مدروسة جيدًا؛ لنبعد من خلالها العراق والعراقيين عن أن يكونوا الضحية وبلا فائدة ترجى».
وأضاف زعيم التيار الصدري: «إنني لا أبرئ العدو الصهيوني من أفعاله الإرهابية في العراق، بيد أنني على يقين من أنه لا يقدم على هذه الخطوة أو الخطوات، فهو يعلم أن الرد سيكون مزلزلًا لأمنه ونفوذه، فالصهاينة يعلمون أن نهايتهم من العراق ومعه، فلن يزجوا أنفسهم في هذه اللعبة التي هي أكبر منهم»، بحسب وصف البيان.
الميليشيات العراقية في سوريا
تصريحات الصدر تناولت قضيتن مهمتين في العراق، وهي الميليشيات الشيعية التي تقاتل في سوريا إلى جانب الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، والتي تعد هذه الميليشيات كذلك ذراع إيران في سوريا والعراق.
وانخرط الآلاف من الشباب العراقي العاطل عن العمل في هذه الميليشيات، بعد أن جرى التغرير بهم بالمال والعاطفة الدينية، ولكنّ الغريب، حسب الخبير بشؤون الحوزة الدينية، حسين الكاظمي، هو عدم وجود مكاتب للتطوع في إيران في حين فُتحت في بغداد ومدن الجنوب «ذات الغالبية الشيعية» العشرات من مكاتب التطوع التابعة لميليشيات الحشد الشعبي بمختلف أشكالها، وتُعرف باسم مكاتب الجهاد والدفاع أو «جهاد الدفع».
ويبلغ عدد الميليشيات العراقية الموجودة في سوريا أكثر من «20» ميليشيا مسلحة، تعمل وفقًا للأجندة الإيرانية، أبرزها ميليشيات «حركة حزب الله النجباء» بقيادة أكرم الكعبي، ويقول الكعبي عن مشاركة النجباء في الصراع السوري: «شاركنا بأغلب عمليات حلب وريفها في السفيرة والراشدين وبابيص وشيخ سعيد وشيخ مقصود والمدينة الصناعية والشيخ نجار وتل شعيب والنيرب، وتركان وكفر حمرة والليرمون، وحرديتين والملاح وريتان وعموم عمليات فك الحصار عن نبل والزهراء، وكان لقواتنا دور بارز ومميز في عمليات فتح طريق حماة حلب».
وهناك أيضًا «كتائب الإمام علي»، هي الذراع العسكرية لما يُسمى حركة العراق الإسلامية، أُسست في يونيو 2014، و توجد في سوريا منذ صيف 2015؛ في مناطق «ريف دمشق، درعا، ريف حلب، اللاذقية، وعلى الحدود العراقية السورية».
وميليشيات «قوات الشهيد محمد باقر الصدر» التابعة لمنظمة بدر، وهي توجد في منطقة السيدة زينب بالعاصمة السورية دمشق ومحافظة حماة وريف إدلب، وعلى الحدود العراقية السورية.
وميليشيات «لواء ذو الفقار» بقيادة أبو شهد الجبورين وهي توجد بمناطق «عدرا، النبك، حمص، والحدود العراقية السورية».
وهناك ميليشيات «سرايا طلائع الخراساني» بقيادة السيد علي الياسري، وتوجد في دمشق وريفها.
وهناك ميليشيات «لواء كفيل زينب» التباعة لميليشيات «عصائب أهل الحق» بقيادة قيس الخزعلي، وهي توجد في منطقة السيدة زينب بالعاصمة دمشق وطريق المطار الغوطة الشرقية، وحلب، والقلمون.
استهداف الحشد
أما القضية الثانية التي تحدث عنها مقتدى الصدرن، فهي قضية استهداف مقرات الحشد الشعبي، والتي طالب بتحقيق دولي في هذه القضية، بما تشكله من أهمية للسيادة العراقية.
وكانت مواقع «الحشد الشعبي» العراقي، تعرضت الأحد 25 أغسطس، لهجمات نفذت بطائرتين مسيرتين، وأسفرت عن مقتل عنصر وإصابة آخر، وفق بيان رسمي لـ«الحشد الشعبي»، الذي اتهم إسرائيل بتنفيذ تلك الهجمات بدعم أمريكي.
وقال البيان: إن الاستهداف «جاء بطائرتين مسيرتين في عمق الأراضي العراقية بمحافظة الأنبار على طريق عكاشات القائم بمسافة تقرب من 15 كيلومترًا عن الحدود» مع سوريا.
واعتبر كل من الرئيس العراقي، برهم صالح، ورئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، تلك الهجمات «اعتداءً على السيادة العراقية»، بحسب وكالة الأنباء العراقية «واع».
من جانبه يرى الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد بناية، إن بيان الصدر عرَّى ميليشيا الحشد الشعبي، وقلب الطاولة على وكلاء إيران في العراق وسوريا، مضيفًا أن دعوة الصدر للميليشيات العراقية بالانسحاب من سوريا، تؤكد على أن يهدف بالدرجة الاولى الحافظ على استقلال وسيادة العراق.
وأضاف بناية لـ«المرجع»، أن الأمر الآخر وضعت دعوة الصدر ميليشيات الحشد الشعبي في امتحان «الولاء» الولاء للعراق، أم أن هذه الميليشيات ستكون ملتزمة بولائها للمرشد الإيراني علي خامنئي على حساب المصالح العراقية، وهو ما يضع سمعة الحشد ومكانته في امتحان امام الشعب العراقي.
وأما عن دعوة الصدر للتحقيق في استهداف مقرات الحشد، يقول بناية: إن هذه الدعوة تشكل ذكاء سياسي من قبل الصدر، فهو يدرك جيدًا أن هذه الميليشيات لن تكشف كل أوراقها وحاولت أن تستخدم استهداف المقرات في الحصول على دعم شعبي عراقي، عبر شعارات الحرب ضد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما اعتبره الصدر «شعارات رنانة»، وبذلك يعري تمامًا ميليشيات الحشد وأهدافها في العراق.
وتابع بناية، أن الصدر يهدف من التحقيق والشروط التي وضعها لهذا التحقيق عبر استبعاد إيران وحلفائها أي الحشد، وكذلك أن يكون عراقيًّا، وكل من وقع اتفاقيات أمنية مع واشنطن من القوى العراقية في إشارة إلى رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، وأن يكون التحقيق عراقيًّا، يؤكد على ذكاء الصدر في تحرك استباقي في مواجهة استثمار الحشد لعمليات استهداف مقراته، وكذلك الحفاظ على الدولة العراقية والجيش العراقي من انقلاب حشدي، عبر استخدام التعاطف الشعبي والشعارات الرنانة بعد استهداف مقرات الحشد.





