يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

وساطة «خان» لدى «طالبان».. الاحتمالات المتاحة ورهانات المستقبل

الأربعاء 24/يوليو/2019 - 06:47 م
رئيس وزراء باكستان،
رئيس وزراء باكستان، عمران خان
نهلة عبدالمنعم
طباعة

أعرب رئيس وزراء باكستان، عمران خان، عن عزمه إجراء مقابلة مع قادة حركة «طالبان» فور عودته إلى بلاده بعد لقاءاته بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك لمحاولة إنهاء الصراع المستمر منذ 18 عامًا في أفغانستان.


وجاءت تلك التصريحات خلال مقابلات إعلامية أجراها السياسي الباكستاني، مساء الثلاثاء 24 يوليو، على هامش زيارته للعاصمة الأمريكية واشنطن للتفاوض حول عدد من الملفات مع الجانب الأمريكي أهمها ملف الإرهاب.


وساطة «خان» لدى «طالبان»..

ملف طالبان


استنادًا إلى أهمية ملف الإرهاب بالنسبة للطرف الأمريكي الذي يرغب في إيقاف استنزاف قواته وأمواله في معارك أفغانستان، فإن التفاوض مع طالبان يبرز كأولوية قصوى في الساعات التي اختارها ترامب لاجتماعاته السياسية والدبلوماسية مع عمران خان، فالولايات المتحدة دخلت في الآونة الأخيرة عدة جولات للتفاوض مع «طالبان» لإنهاء الحرب التي بدأتها في المنطقة منذ 2001، ووضع جدول زمني لانسحاب قواتها العسكرية من المنطقة مع ضمان عدم تحول تلك الأراضي الجغرافية لمعسكرات لتجهيز المتطرفين.


وعلاوة على ذلك؛ يظهر «خان» كحليف سياسي متطلع بشراهة لشراكة سياسية مع الولايات المتحدة، خصص لها مقدمات إيجابية لإثبات حسن النوايا من قبل الذهاب إلى واشنطن، مثل القبض على زعيم جماعة عسكر طيبة «حافظ سعيد»، الذي سبق ووضعته الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب، بالإضافة إلى موقف الولايات المتحدة الذي يبدو أيضًا في احتياج استراتيجي لهذا التعاون، فلطالما اتهمت الدولة الغربية زائرها الآسيوي بدعم الإرهاب وتوفير الملاذات الآمنة لعناصره، وخصوصًا حركة طالبان، وإزاء ذلك قرر الجانب الأمريكي في يناير 2018 إيقاف المساعدات المالية والعسكرية التي كان يمنحها في السابق لباكستان، وتقدر تلك المساعدات بـ2 مليار دولار.


وساطة «خان» لدى «طالبان»..

الفرص المتاحة


بناء على ما سبق يبقى التساؤل المهم في هذا الإطار مرتبطًا بالفرص الحقيقية المتاحة لـ«عمران خان» للتدخل لدى طالبان لحل أزمتها مع الحكومة الأفغانية والحكومة الأمريكية أيضًا، إذ ترفض طالبان تمامًا الجلوس على طاولة مفاوضات واحدة مع حكومة أفغانستان بل تعتبرها مجرد أداة في يد الجانب الأمريكي.


كما أن المرجعيات السابقة للمواقف المشابهة تدل على صعوبة الموقف، ففي فبراير 2019 رفضت الحركة طلب المبعوث الأمريكي زلماي خليل زاده للاجتماع في باكستان التي كان يزورها آنذاك، وعليه تمسكت الجماعة بالتفاوض في مقرها السياسي الرئيسي في العاصمة القطرية الدوحة، أي أن الحركة لا تقبل بالجلوس مع الحكومة الأفغانية بشكل رسمي علاوة على رفضها السابق للتفاوض لدى باكستان.


وساطة «خان» لدى «طالبان»..

خيالية الطرح


حول هذه التوقعات الإيجابية، بخصوص الوساطة الباكستانية لدى طالبان، لخلافها مع الولايات المتحدة، يقول الكاتب والمحلل السياسي، محمد فراج أبو النور: إن باكستان تمثل الحاضنة الجغرافية الأساسية للحركة الإرهابية، وخصوصًا في مناطق الشمال الغربي، أي على الحدود المشتركة مع أفغانستان، كما تستفيد الحركة من الطابع القبلي لهذه المنطقة، والذي يوفر لها بشكر كبير ملاذًا آمنًا يدعمه الطبيعة الجغرافية الوعرة بالمنطقة، وبالتالي تتهم باكستان دومًا بأنها تدعم طالبان.


ويرى الباحث في تصريحه لـ«المرجع» أن تبديل المواقف الحالي تجاه باكستان يأتي من تطلعات الولايات المتحدة ورغبتها الشديدة في إنهاء حربها مع «طالبان» رغم أنها من الدول التي دعمتها في البداية لمد خط غاز من تركمانستان عبر سهول أفغانستان إلى باكستان عبر شركة يونيكال الأمريكية، وذلك غير المصالح الاستراتيجية الأخرى المناوئة للاتحاد السوفييتي لفك الارتباط بين دول آسيا الوسطى وروسيا.


ورغم هذا الدور التاريخي، يعتقد «أبو النور» أن احتضان طالبان للقاعدة، وتنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر كانت بداية التطور المضاد ضد الحركة، إلى أن وصل الوضع الحالي لرغبة التفاوض بين الأطراف، وبناء على ذلك، فإن هذا الملف هو أبرز ملفات اللقاء الأمريكي الباكستاني الذي يعتبر تطورًا مهمًا في العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين.


ولذلك يدفع الباحث بأن الولايات المتحدة ترغب في استخدام باكستان التي تحتضن جغرافيتها لهذه الجماعة من أجل تشكيل أداة ضغط لتحريك المفاوضات المتجمدة، وخصوصًا فيما يتعلق بإشراك الحكومة الأفغانية في المباحثات، والتي تعاني أساسًا من الضعف المركزي، فهي لا تسيطر إلا على العاصمة كابول وما يحيط بها، ولذلك فمن الأنسب تسميتها بـ«كابولستان».


وعن موضوعية هذا الطرح وإمكانية تطبيقه مستقبلًا؛ يتوقع الباحث أن يعد هذا أملًا بعيدًا ومشكوكًا في جديته، فالجماعات الإسلاموية الراديكالية لا تعترف بما هو خارج عضويتها أو غير موالٍ لزعيمها، ولكن إذا اضطرت للجلوس مع مفاوض فلابد أن يكون فائق القوة، ويمتلك أدوات ضغط جابرة لها، لافتًا إلى أن الحكومات الباكستانية السابقة سمحت لطالبان باستفحال قوتها وتضخم نفوذها، ولكن «عمران خان» لديه تقرب أكبر إلى العلمانية والتيارات الليبرالية والمدنية، ما يعني أن توجهاته مختلفة عن سابقيه، وهو بذلك يستطيع فقط أن يعرب عن حسن نواياه تجاه الجانب الأمريكي، ولكن ليس في قدراته الحقيقية تشكيل ضغوط واسعة على طالبان، وبناء على ذلك يتوقع محمد فراج أبوالنور بقاء الوضع على ما هو عليه في المفاوضات مع طالبان، إلا إذا امتلكت الولايات المتحدة كروتًا حقيقية تستطيع من خلالها إجبار طالبان على اتمام الصفقة التفاوضية.


أما فيما يخص الصفقة التبادلية بقيام باكستان بالوساطة بين الولايات وطالبان مقابل قيام الجانب الأمريكي بالوساطة ذاتها لحل أزمة الإقليم كشمير بين الهند وباكستان يعتقد الكاتب والمحلل السياسي، محمد فراج أبوالنور بأن ذلك أمر في غاية الصعوبة، ويبدو كهراء فالولايات المتحدة تمتلك علاقات قوية مع الهند، وفي المقابل تمتلك باكستان علاقات استراتيجية مع الصين التي تعادي الهند والولايات المتحدة، فهي أزمة استراتيجية معقدة ومتشابكة، وتعود جذورها للانفصال العنصري والمذهبي بين دول شبه الجزيرة الهندية في الماضي إلى هندوس ومسلمين، كما أن الطبيعة الديمجغرافية للمنطقة، وتفشي التيارات المتطرفة للطرفين داخل الإقليم يسهم أيضًا في تعقيد حل الأزمة.

 للمزيد: بعد التصريحات الصادمة.. دلالات اعتراف «خان» بدور باكستان في قتل «بن لادن»

الكلمات المفتاحية

"